إلهام من براري كازاخستان
برزوالسكي قصة نجاح دولي للحصان الذي عاد من حافة الانقراض
في إحدى الليالي الهادئة، كان سامي يجلس في مزرعة عائلته، حيث اعتاد قضاء ساعات طويلة بجانب خيولهم العربية الأصيلة. تلك الخيول كانت جزءًا لا يتجزأ من هويته العائلية، فقد كان والده وجده من عشاق الخيل الذين حرصوا على الحفاظ على هذا التراث العربي العظيم. وبينما كان يتأمل جمال الخيول وتناسق حركاتها، شعر سامي برابطة خاصة تربطه بهذه المخلوقات الجميلة. ولكن شيئاً ما في قلبه كان يدفعه للتساؤل عن دور الخيول في الطبيعة وحاجتها للحماية مثل غيرها من الحيوانات.
وفي إحدى الأمسيات، وبينما كان سامي يتصفح الإنترنت بحثًا عن قصص ملهمة عن الخيول حول العالم، صادف مقالاً يتحدث عن الحصان البري "برزوالسكي"، وهو نوع من الخيول التي كانت على وشك الانقراض في القرن العشرين. شعر سامي بالدهشة؛ كيف يمكن أن تنقرض الخيول؟ كيف يمكن للعالم أن يفقد هذه المخلوقات الرائعة؟
أخذ سامي يتعمق في قراءة القصة. فاكتشف أن الحصان "برزوالسكي" كان يجوب سهول آسيا الوسطى، خاصة في كازاخستان ومنغوليا، ولكنه تعرض لضغوط شديدة بسبب الصيد الجائر وفقدان المواطن الطبيعية. وصل الأمر إلى أنه في الستينيات، لم يتبقَ من هذه الخيول سوى عدد قليل جداً في حدائق الحيوان. ومع ذلك، لم تكن القصة بهذه السوداوية. فقد تدخلت منظمات بيئية دولية، مثل الصندوق العالمي للطبيعة* والاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة، وبدأت في تنفيذ برامج تكاثر الخيول في الأسر، حتى تمكنت في النهاية من إعادة إطلاقها في البرية.
كلما تعمق سامي في القصة، زاد انبهاره. فقد علم أن تلك الجهود لم تكن فردية، بل جاءت نتيجة تعاون دولي بين حكومات ومنظمات غير ربحية، منها حديقة حيوان براغ، ومعهد سميثسونيان للحفاظ على الكائنات الحية، الذين استخدموا أحدث التقنيات مثل أجهزة التتبع بالطاقة الشمسية لمراقبة الخيول والتأكد من تأقلمها مع البيئة الجديدة. تلك الجهود كانت بمثابة ضوء في نهاية النفق؛ أثبتت أن العالم قادر على إنقاذ الأنواع المهددة إذا تضافرت الجهود.
في تلك اللحظة، شعر سامي بشيء أعمق من مجرد إعجاب بالقصة. فكر في خيوله العربية الأصيلة، التي كان يعتز بها وبتراثها، وفكر في البيئة المحيطة به. أدرك أن الحفاظ على الخيول وغيرها من الحيوانات ليس مجرد مسؤولية بيئية بعيدة، بل هو جزء من حماية ثقافته وتراثه العربي. كما شعر بأهمية العمل على حماية البيئة في وطنه العربي، حيث تزداد التحديات البيئية يوماً بعد يوم.
منذ ذلك اليوم، تغيرت نظرة سامي للعالم. لم يعد يرى الخيل كرمز فردي للفخر، بل كجزء من شبكة واسعة من التنوع البيئي الذي يحتاج إلى العناية والحماية. بدأ في متابعة المبادرات البيئية في العالم العربي، مثل مشاريع الحفاظ على المها العربي وبرامج إعادة توطين الحيوانات المهددة. واستلهم من قصة "برزوالسكي" درساً مهماً: أن التعاون الدولي يمكن أن يحدث فرقًا حقيقيًا، وأن العرب، بحبهم العميق للخيول، يمكن أن يكون لهم دور ريادي في حماية التراث الطبيعي والبيئي في منطقتهم.
أدرك سامي أنه يستطيع الاستفادة من حبه العميق للخيول العربية الأصيلة ليصبح رائدًا في مجال الحفاظ عليها. بدأ سامي في تنظيم ورش عمل تهدف إلى توعية المزارعين ومربي الخيول بأهمية الحفاظ على السلالات الأصيلة وحمايتها من التهجين العشوائي. كما تعاون مع جمعيات بيئية محلية لتطوير برامج تسلط الضوء على الترابط بين حماية التراث الطبيعي والثقافي في العالم العربي.
وبالإضافة إلى ذلك، أطلق سامي مبادرة تستهدف الشباب، حيث يدعوهم للمشاركة في أنشطة تجمع بين ركوب الخيل والمحافظة على البيئة، مثل زراعة الأشجار في المناطق القريبة من المزارع والمحميات الطبيعية. من خلال هذه المبادرة، لم يكن سامي يعمل فقط على حماية الخيول العربية، بل كان يزرع في قلوب الأجيال الجديدة حب البيئة والشغف بالتراث العربي الأصيل.
سامي لم يرَ في الخيول مجرد إرث ثقافي، بل رمزًا للتوازن بين الإنسان والطبيعة، ودعوة ملهمة للقيام بمسؤولية تجاه الكائنات الحية التي تشاركنا هذا الكوكب.
وفي كل مرة كان سامي يركب خيله العربي عبر الصحراء، كان يرى في عينيه امتداداً لروح "برزوالسكي"، تلك الخيول البرية التي عادت لتجوب السهول الآسيوية بفضل جهود البشر. هكذا، تحول حب سامي للخيول إلى رسالة أعمق، دعوة لحماية البيئة والحفاظ على الحياة البرية في وطنه العربي.
الأكثر شعبية
عندما تجتمع خبرات أسلافنا القدماء مع المعرفة الحديثة .. نصبح شقفة من الطبيعة
إذا لم تشعر بالانتماء للأرض، عليك أن تشعر بالانتماء للناس .. فالمناخ مسألة إنسانية
عزبة الزبالين.. كيف يكون حي لجمع القمامة هو ذاته منبع للحفاظ على البيئة؟
تقدم منصة ذا كلايمت ترايب قصصًا حول التنوع والحفاظ عليه، والاقتصاد الدائري، والغذاء والماء و مدى ارتباطهم بالبيئة.
اشترك
احصل على أحدث القصص الملهمة للعمل المناخي حول العالم مباشرة في بريدك الوارد.