إذا لم تشعر بالانتماء للأرض، عليك أن تشعر بالانتماء للناس .. فالمناخ مسألة إنسانية
لقاء مع جوزيف سيكولو المدير الإقليمي لمنظمة "Pacific 350" ونظرة على الإنسانية والانتماء التي تكمن في قضية المناخ
عائلة نشأت على فكرة التوريث ما نبنيه ونصنعه فهو للأجيال القادمة ولذلك يجب أن نحافظ عليه، هم من بنوا بيوتهم ومزارعهم لضمان عدم جوع أسلافهم وأحفادهم لسنوات قادمة، عائلة عندما غادرت من الجزر الخارجية للجزر الرئيسية في تونغا في المحيط الهادي أخذوا منزلهم معهم وضعوه على قارب، وأبحروا به في رحلة استغرقت 3 أيام ثم أعادوا بناءه من جديد، و لا يزال يقف هناك حتى يومنا هذا.
عائلة علمت أولادها وأحفادها ما معنى الارتباط بالوطن، البيت، والعيلة.. تلك العائلة التي نشأ منها جوزيف سيكولو هي التي علمته معنى الانتماء ومن ثم تعلق وتكون شغفه بالعمل المناخي، ليصبح همه الأول والأساسي هو التفكير فيما أبعد من نفسه، ليحقق ما زرعته عائلته فيه من خلال مشاركته في شبكة محاربون من أجل المناخ كمدير إقليمي Pacific 350 .
تلك المؤسسة التي هدفها تسليط الضوء على ما يحدث من تغير المناخ للمحيط الهادئ ومجتمعات الشتات في أستراليا ونيوزيلندا والولايات المتحدة، والأهم من ذلك هو تمكين شباب المنطقة بالأدوات التي يحتاجونها لإحداث التغيير الذي يرغبون في رؤيته لأنفسهم وجزرهم من خلال ورش وتدريبات وأنشطة تفاعلية.
ويضاف للأهداف التي لا تقل أهمية هي وقف الوقود الأحفوري ووقف تمويله وتشغيل مصادر متجددة، بجانب معلومات على منصتهم تستطيع أن نستخدمها كدليل للمعرفة وفهم ماذا يحدث حولنا بالأرقام والإحصائيات، وقيامهم بحملات لتعزيز العدالة في مجال الطاقة ، أكثر من ٥۰۰ حملة وحدث قادوها في العام الماضي وأكثر من ۷۰ دولة لديها مجموعة محلية تابعة لهم تخدم نفس الهدف، مع تزويد أكثر من ۱۰۰۰۰ شخص بالدورات التدريبية ليمتلك الآلية.
جوزيف يشارك من خلال المؤسسة في الحماية من أكبر تهديد سبل عيشهم وثقافتهم “ تغير المناخ”، ولخلق جيلًا من القادة والاستراتيجيين والقادرين على الحلم والإبداع، يرى فيهم الأمل في وسط عالم منكسر تملكه اليأس ولم يعد قادر على التئام جروحه.
فيقول جوزيف خلال حديثنا معه “نحن نهتم بالمناخ لأننا ليس لدينا خيار آخر لا يمكننا الاختباء من ارتفاع المد وتفاقم العواصف، ليس هناك مكان للهروب من تآكل الساحل، لا مكان للحصول على الماء عندما تغمره البحار، ما لدينا هو جزرنا، وعلينا بذل قصارى جهدنا لحمايتها، نحن كشعب المحيط الهادئ، كل ما نمتلكه مرتبطًا بجزرنا والمحيط وثقافتنا ولغتنا وسبل عيشنا".
وكما يؤمنون بأن لا خيار إلا الاهتمام بقضية المناخ تؤمن المنظمة مثل جوزيف بقوة القصة التي تعيد الأمور إلى مجراها الطبيعي وهو "الإنسانية"، المناخ في الأساس قصة إنسانية حدثت لأشخاص ومجتمعات حقيقية ولذلك قامت المنظمة بعمل سلسلة على موقعهم توثق قصص لتشريد بعض الأهالي ونزوحهم بسبب المناخ، ليسردوا فيها معاناتهم الحقيقية، تلك المعاناة التي ما زالت عالقة في ذهن جوزيف ورفض الحديث عنها لأنها تخص أصحاب القصة والمعاناة وحدهم.
تلك المشاعر التي تكونت لديه من هول ما شاهده تتحول أحيانًا في صورة دموع تتساقط عندما يشعر بعدم اهتمام العالم الكافي للمخاطر التي تحيط بهم، فيصف لنا جوزيف إحدى اللحظات في واحدة من مؤتمرات المناخ، أثناء مناقشات التخلص التدريجي من الوقود الأحفوري فيقول " عندما خانتني دموعي وقتها كنت أفكر في الوطن، كيف سنعود ونواجه شعبنا؟ ونقول لهم هذا ما يعتقده العالم بشأننا، هذا مدى قيمتهم لوجودنا شعرت وقتها أننا نفقد المزيد من إنسانيتنا".
جوزيف يرى المسألة التي يعاني منها منطقته تأتي من الحكومات والشركات التي استفادت على مدى عقود من استخراج الثروات والتهجير وتسببت في صراعات للسيطرة على الموارد، الحل في السيطرة على المناخ تكمن في تمكين مجتمعاتهم لتوليد طاقتها الخاصة والتركيز على مشاريع الطاقة المتجددة، وأخذ السلطة من أيدي الشركات الجشعة ومنحها للشعب.
وهذا ما يخطط له المنظمة، تعليم شباب المحيط كيفية بناء انظمة لوحات الطاقة الشمسية لضمان الوصول إلى الكهرباء حتى بعد وقوع الكارثة.
مايدفع جوزيف لاستكمال عمله يوميًا بحماس هو ابنة أخته تبلغ حوالي سنة ونصف تكتشف العالم في الوقت الحالي، كل شيء جديد ومثير لها، يحب مشاهدتها وهي تستوعب أفكارًا وتجارب جديدة، هذا هو ما يحفزه لاستكمال عمله فيوصف لحظاته معها ويقول "معرفة أنه لا يزال هناك وقت لإصلاح هذا العالم المتعطل من أجل بعض الأشخاص علينا إصلاحه من أجلهم".
سيكولو في آخر حديثه معنا وجه رسالة للشباب القائمين على زيادة الوعي بتحديات المناخ " لا تدعوا هذا العالم المعطوب يكسركم قاتلوا لجعله عالمًا تودون رؤيته، إذا أغلقت أمامكم بابًا، ابحثوا عن نافذة أو كسروها!"
أما عن رسالته للعالم ونظرتهم للمناخ "على الناس أن يهتموا بأزمة المناخ لأنها مسألة إنسانية، حتى إذا لم تشعر بالانتماء إلى الأرض أو البحر، يجب أن تشعر بالانتماء إلى الناس، سواء كانت مجتمعات مثل مجتمعي الذين يعانون من تأثيرات الأزمة أو أولئك الذين يحاربون المشاريع الاستخراجية في محيطهم، نحن جميعًا نشعر بالألم ومع ذلك مستمرون.
عندما خانتني دموعي وقتها كنت أفكر في الوطن، كيف سنعود ونواجه شعبنا؟
الأكثر شعبية
عندما تجتمع خبرات أسلافنا القدماء مع المعرفة الحديثة .. نصبح شقفة من الطبيعة
عزبة الزبالين.. كيف يكون حي لجمع القمامة هو ذاته منبع للحفاظ على البيئة؟
تقدم منصة ذا كلايمت ترايب قصصًا حول التنوع والحفاظ عليه، والاقتصاد الدائري، والغذاء والماء و مدى ارتباطهم بالبيئة.
اشترك
احصل على أحدث القصص الملهمة للعمل المناخي حول العالم مباشرة في بريدك الوارد.