The Climate Tribe Logo
المقالات الرئيسيةإثنين ١٥ أبريل ٢٠٢٤

رفيق العربي في الماضي والناجي الوحيد من التغيير المناخي

علاقة فريدة جمعت الأبل مع كل من امتلكه، ولإبراز هذه العلاقة ومدى تأثير التغيير المناخي عليها، تحدثنا مع راعي إبل من سلطنة عمان ولبنان والسعودية وختاماً مع دكتور عبد الرزاق ككار.

الجمال وهي في أحضان وطنها
المصدر: رمي فاشرالجمال وهي في أحضان وطنها المصدر: رمي فاشر

قيل فيها الأشعار وكانت رفيق العربي في الماضي، قطعوا على ظهورها آلاف الأميال وهي لا تكل ولا تمل، عاشوا من خيراتها، حتى تولد لهم شعور وإيمان بأنها تستحق منهم الكثير، فأصبحت لديهم ثروة لا يبالون بأي خسارة لأجلها، فكانت الماضي الجميل، والحاضر الزاهر بوجودها بينهم معززة مكرمة، علاقة فريدة نحتاج أن نبحر فيها ونكتشف هل طالها شبح التغيير المناخي؟ أم لكونها معجزة إلهية وقفت صامدة؟ وحتى ولو صامدة إلى متى ؟

تحدثنا في البداية مع راعي  إبل من سلطنة عمان ولبنان والسعودية ومصور عاشق للإبل، لنلمس معهم حجم العلاقة بينهم وبين الإبل وموقفها من التغيير المناخي على أرض الواقع، وختمناها مع دكتور متخصص في علم الحيوان ليأتي بالخلاصة ويطمئنا على الإرث والتراث. 

نبدأ الحكايات مع أحمد علي أكبير الشحري، فنانًا تقليديًا وشاعرًا بسلطنة عمان، كان يقضي معظم وقته في رعي الإبل مع جده، فكانت وجهته الأساسية حتى سن ۳۸ عام، ليصبح ما يربطه بالإبل ليس الشغف بحسب، ولكن قناعة أصبحت إلزامًا على عدم التخلي أو الابتعاد.

 يحرص الحشري أن يلقي عليهم شعر وخاصة ناقته المفضلة "حمره"، يغني له في طقوس كالرحيل والهجرة للاستئناس والشعور بالأمان.

معجزة إلهية وحب فطري
تصوير: عبدالله الشحيمعجزة إلهية وحب فطري تصوير: عبدالله الشحي

ولكن عن حال التغيرات المناخية يقول “المنطقة تأثرت بعدة منخفضات وأعاصير وكنا نرحل إلى أماكن نجد فيها الأمان ولا نتطمأن حتى تنتهي الحالة المدارية، وبالنسبة للجفاف حتى اليوم ونحن نرحل طوال العام من مكان إلى آخر بحثاً عن المأوي والمرعى، مما يسبب للإبل حالة من عدم الاستقرار بسبب الشوق لوطنها الأصلي.. كما أن الزحف العمراني للمدن يجعلنا لا نصل لأماكن كنا نرعاها قبل سنوات".

 وهنا تجربة عملية لما من الممكن أن تعانيه الإبل من هجرة الأوطان في حالة الكوارث المناخية، فإذا كانت صامدة وتتكيف، يظل شيء ما يزعجها، خصوصًا  أن السلالات تختلف من حيث تحملها عبر الزمن.

ومن غناء وصمود في سلطنة عمان لهيام بدأ في السعودية وانتقل لجبال لبنان، مع الشيخ كميل نديم مراد من أشهر ملاك الإبل في  بلدة رأس نحاش في لبنان  تعلق  بهم في السعودية، من  خلال مشهد  لصغار الإبل، فقرر عند عودته للبنان أن ينشيء مزرعة، ويقضي معهم أطول وقت خاصًة مع ناقته المفضلة مزيونة.

كميل لم يلمس التغيرات المناخية لطبيعة الأجواء في لبنان فيوضح"  تكيفوا على الجو فالمنطقة مناسبة، ويوجد مرعى فيه أشواك "والإبل تحبه، فهم مدللين" ولكن هل تستمر الأجواء المميزة في لبنان بمرور السنين؟ 

الإبل تخالف الاتجاه الذي يأتي فيه المطر أو العواصف القوية، إذا جاء من الشرق تلف رؤوسها لاتجاه الغرب وتبرك بمعنى “تجلس” لتحمي نفسها من الصواعق حتى لا تضرب رأسها، وخف الجمال -سبحان الله- يجعلها تتحمل الحر الشديد

ومن كميل لمالك الإبل السعودي ناصر السبيعي كبر ووجد محبته مربوطة بهم، يلغي مواعيده ليقضي وقت أطول معهم، متعلق بحركاتهم وصوت الحنين الذي يبين في وجههم، ورفض أن يخبرنا اسم ناقته المفضلة لأنها غالية على قلبه.

 ولكن هل تأثرت جماله بالتغيير المناخي؟  مع الطقس البارد والمطر يروي لنا شيء غريب إلهي تفعله الإبل لتحمي نفسها فيوضح ”  الإبل تخالف الاتجاه الذي يأتي فيه المطر أو العواصف القوية، إذا جاء من الشرق تلف رؤوسها لاتجاه الغرب وتبرك بمعنى “تجلس” لتحمي نفسها من الصواعق حتى لا تضرب رأسها".

فالإبل تحمي نفسها ولكن هل سلوكياتنا تحميها؟ يوضح ناصر أن  هناك مكعبات للأعلاف بها كيماويات انتشرت تجعلها لم تعد تتحمل للعطش كالسابق، فهناك تدخل بشري من الممكن أن يضعها في خطر.

  ومع آخر حكاية معنا ليست مع راعي وإنما المصور عبدالله إبراهيم الشحي، بعد ٢٢ عامًا من عمله في الجريدة قرر أن يتقاعد ليكون الإبل هو بطل صورته الأساسي، لم تجد صور معه سوى له،  يجذبه الفضول الذي تبديه الإبل عند مشاهدتها الكاميرات، وهي تحاول شم ولمس الكاميرا، وهو يداعبها.. عبد الله الشحي لم يلمس التغير المناخي في منطقته، إلا مع قلة الأمطار تؤثر على المراعي ومن ثم يضطرون لشراء الأعلاف مما يسبب أعباء مادية.

  مع كل قصة تؤكد لنا صمودها ولكن إلى متى ستظل تتحمل؟ لذلك تحدثنا مع  الدكتور عبد الرازق ككار الحاصل على درجة الدكتوراة في علم الحيوان اكتسب خبرة مع الجمال استمرت لـ٢٢ عامًا  وهو أيضَا مؤسس اليوم العالمي لهم، ليأتي لنا بالخلاصة العلمية.

حيوان المستقبل والناجي من التغيير المناخي 
تصوير: عبدالله الشحيحيوان المستقبل والناجي من التغيير المناخي تصوير: عبدالله الشحي

الدكتور عبد الرازق يرى  أن الجمال هدية الطبيعة وللسكان المنكوبين بالجفاف فيوضح" مع سيناريو تغير المناخ تندر المياه بشدة، تتزايد حرارة الجو أكثر فأكثر، مما يؤدي لسرعة تبخر المياه، ويشتد الجفاف، أما الجمل فهو الحيوان الذي يمكن أن يتعايش و ينجو بالقليل من المياه في تلك الظروف، ولجزيئات الدم (الهيموجلوبين) الفضل في هذا".

"ثم أن للتجويف الأنفي الذي هو أشبه بملطف جو طبيعي، له دور في تخزين المياه لأنها تكثف الهواء الذي يستنشقه الجمل و تحوله إلي مياه، والشعيرات الصغيرة بداخل أنفهم تحتفظ بالرطوبة أثناء الزفير فتمنع خروجها وتعيدها إلى الداخل مرة أخرى، أما كليتا الجمل فتقوم بدور إضافي للحفاظ على المياه".

ويضيف على ذلك أن الإبل معجزة وماكينة بيولوجية يستهلك ۱.۹ كيلو من العلف لإنتاج كيلو من اللبن، بينما تستهلك الماشية الأصيلة  الأضعاف من العلف لإنتاج نفس الكمية من اللبن، وألبانه تعلو علي أي ألبان أخرى، لاحتوائها على نسبة عالية من فيتامين (سي)  والكوليسترول المفيد للجسم البشري.

 فباختصار شديد الجمل حيوان مميز، وجيناته تتغلب على حرارة الجو، وقادر على النجاة بل  وإمداد البشر بمنتجات حتى عندما تزيد درجة الحرارة التي يعيش فيها عن خمسين درجة، فهو الحيوان الوحيد الآمن من سيناريو تغير المناخ، ولكن هل معنى ذلك أنه في أمان تام؟ الدكتور طمئنا ولكن في حديث الرعاه كان مع كل بصيص أمل شيء يؤرقهم ربما يؤثر في المستقبل وليس الآن، فتخيل أن هذا الحيوان في يوم من الأيام أصبح هو الآخر يعاني؟  حيوان بطبيعته الفريدة والمعقدة في علم الأحياء  إذا عانى من سينجو بنا إذًا؟

اشتركوا في نشرتنا الإخبارية

نعدكم أننا لن نعطي بريدكم الإلكتروني إلى أي طرف خارجي، كما يمكنكم إلغاء اشتراككم في أي وقت.

هل أعجبتك هذه المقالة؟
وقت القراءة٥ دقائق
    تفضيلات ملفات تعريف الارتباط

    نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) لتحسين تجربتكم. باستخدامكم لهذا الموقع، فإنكم توافقون على سياسة ملفات تعريف الارتباط