تسلل سرًا لإجراء التجارب وقاده شغفه لبيع مقتنياته
شعفه بالبيئة جعله يلتهم من البحر، ويحول الطحالب لوقود حيوي.
شغفه في مجال البيئة والبحار بدأ مع جده في منزله الذي تربى فيه وحديقته الكبيرة التي قرر أن تكون جزءًا من حياته بعد سن التقاعد، جده رغم ثقافته المحدودة وتعليمه المحدود كان عنده تواصل كبير مع الأرض والنباتات مكنته من احترامه للكائنات الحية، طريقته البسيطة هي من جعلت حمدي حشاد يعتنق المذهب البيئي كفكرة وتوجه في البداية ومن ثم اختصاص أكاديمي وعلمي لاحقًا.
ليصبح ناشط بيئي ومناخي ومهندس متخصص في هندسة البيئة وعلوم البحار لديه إيمان بالقضايا والعدالة المناخية، فكان لجده التأثير الأكبر في توجهاته الرئيسية ووراء ما هو فيه الأن، حتى وصوله لأن يصبح مخترع بيئي استطاع أن يستغل الطحالب البحرية ويحولها لوقود حيوي يمكن استخدامه في الطائرات.
فيقول لنا حشاد "لم يكن هناك في البداية فكرة للاختراع، فكنت في وقت فقدت في فيه الرغبة في البحث، ولكن أسعار البترول في ٢٠٠٦ حققت أرقامًا قياسية وكوني أنتمي لدولة إمكانياتها الطاقية محدودة أردت أن أبحث عن حل، في نفس التوقيت كان هناك حديث في المجلات العلمية عن الوقود الحيوي البديل عن أنواع الوقود الأخرى"
ولتخصص حمدي في علوم البحار والأحياء المائية والتي خلقت له شغفًا للطحالب البحرية، جعلته يفكر في الطحالب بالتحديد لتحويلها لوقود فيقول "لفت نظري عدم وجود أبحاث كافية حول الطحالب كبيرة الحجم وليست المجهرية، جمعت بعض ما نشر في مجلات الأبحاث وبدأت في جمع العينات وتحليل تركيباتها البيوكيميائية وأخذ مقاساتها، حصلت على أكثر من ٥٠ نوعًا من الطحالب على السواحل التونسية، ومعها واجهت صعوبات نظرًا للتركيبة المعقدة بالطحالب وبعضها فشل، وأثناء رحلة البحث وجدت دراسة دنماركية كانت هي المنطلق "
ومجرد صدفة بفضل الدراسة وجد نفسه توصل لطريقة بيوكيمائية جديدة لتحويل الطحالب لوقود، لتكتب لها التوثيق والنجاح حيث تم تسجيلها كبراءة اختراع تونسية ومن ثم دولية، بعد أكثر من ١٨ شهرًا مع ١٨ تجربة.
حمدي يعتبر مشروعه مليئا بنقاط القوة وكانت هناك أسباب بجانب حبه للبحر جعلته يلتهم من الطحالب البحرية الكبيرة على وجه التحديد فيوضح "الطحالب هي المستقبل، نحو ٤٠ ألف نوع حول العالم وتحتوي على فوائد طبية وتكنولوجيا، ويمكن استخدامها في استعمالات للطاقة أو استعمالات مخبرية، فهذا القطاع الذي استخدمت فيه الطحالب قطاع لا يشمل استقطاب فئات كبيرة، حتى أن الطحالب المستخدمة تعمل في المياه المالحة والتي ليست محل اهتمام، فلا تشكل منافسة مع المصادر التقليدية الأخرى".
فاعتبر اختراعه أعطى دفعة للأمام وألقى الضوء به على استعمال الطحالب في مجال للطاقة بعيدًا عن المجال المخبري أو الغذاء أو في صناعات الأدوية، فمن الممكن أن تكون نقطة قوة له ويضيف نقطة قوة أخرى كونه صديقًا للبيئة "كما أن الطحالب التي اشتغلت عليها بالتحديد، وجودها في البحر يعتبر مؤشرًا على تلوث البحار، فهي موجودة في البحار الملوثة فتخليصها من مشكل بيئية إلى حل يتمثل في الوقود العضوي يعتبر تجديد في حد ذاته لأني استعمل كل التركيبة ".
فيستعمل شيء ملوث ويقوم بتحويله لفرصة اقتصادية واعدة وحل يتمثل في الوقود العضوي، الذي هو في الأساس صديق للبيئة بعيدًا عن أنواع الوقود الأخرى.
تجربة الاختراع وتنفيذها على أرض الواقع كانت من خلال المشاركة مع برنامج النجوم والعلوم الذي يتبع مؤسسة قطر ومن خلالها وقع الاتصال بشركة إرباص في ماليزيا، فيقول " كان لديهم مشروع مشابه لبراءة الاختراع وطلبوني لتطوير المشروع، وبعد سنوات تم إطلاق رحلات طيران في مراحل تجريبية للطائرات، ولكن تعميم التجربة كانت تتطلب تمويل مالي كبير".
تجربة الاختراع وتنفيذها على أرض الواقع كانت من خلال المشاركة مع برنامج النجوم والعلوم الذي يتبع مؤسسة قطر ومن خلالها وقع الاتصال بشركة إرباص في ماليزيا، فيقول " كان لديهم مشروع مشابه لبراءة الاختراع وطلبوني لتطوير المشروع، وبعد سنوات تم إطلاق رحلات طيران في مراحل تجريبية للطائرات، ولكن تعميم التجربة كانت تتطلب تمويل مالي كبير".
انتماء حمدي لجزيرة قرقنة التونسية جعلته يمتلك البحر بين أيديه، بالنسبة له أكثر من مجرد أداة للترفيه فهو ثقافة وجزء من تركيبته الأساسية يستمد قوته منه، وجعلته أثناء تجاربه التي تحدثنا عنها والتي استغرقت أكثر من عام، أن يتجه إلى تمويل ذاتي وإجراء الاختبارات بإمكانيات بسيطة انغمس في التجربة لأقصى حد.
فشغف وحب كبير لما يفعله حتى أكبر من مشكلة ارتفاع أسعار الوقود دفعته لبيع ساعته وهاتفه الجوال وبعض الكتب القديمة لتمويل التجربة، وكانت في مخبر بسيط جدًا في المنزل، وكان أحيانًا يحاول إجراء بعض الاختبارات بالسر ليلًا في المعهد لمخابره الحديثة.
حمدي ما يعرقله فقط هو التمويل والاعتمادات المالية، وما يعرقل الشباب العربي بوجه عام في وجه نظره على الاختراع، هو الإيمان بالذات ووجودهم في بيئة ينقصها التجديد والإيمان بالاستثناءات الناجحة.
الأكثر شعبية
بين مفاهيم خاطئة وأنواع مهددة بالانقراض.. حياة أسماك القرش وتأثيرها على الوضع البيئي
تقدم منصة ذا كلايمت ترايب قصصًا حول التنوع والحفاظ عليه، والاقتصاد الدائري، والغذاء والماء و مدى ارتباطهم بالبيئة.
اشترك
احصل على أحدث القصص الملهمة للعمل المناخي حول العالم مباشرة في بريدك الوارد.