قصة حب انتهت بغصة في القلب والسبب .. التغير المناخي
لقاء مع المصور العراقي حمد الشاهر، الذي كانت تجمعه علاقة ذكريات وحب مع أهوار العراق ولكن انتهت بغصة قلب.
دائمًا ما كنت أحب تصوير أهوار بحبها بشكل مو طبيعي، بحب أضيف أهلها في الصور والأطفال وتفاصيل حياتهم اليومية
ابن محافظة ذي قار في العراق، شغفه وحبه للتصوير بدأ معه منذ نعومة أظافره أثناء مشاهدته للتلفاز على برامج مصورين للحياة البرية والحيوانات والطبيعة، وأول صورة التقطها في حياته كانت بكاميرا صغيرة أثناء رحلة مدرسية، كبر وأصبح يسير في الشوارع ليلتقط الصور بتلفونه الخاص، وعندما وجدها تلاقي إعجاب الكثير من الناس، بدأ يتجه للاحتراف في المجال وأشترى أول كاميرا من عمله الحر بعمر الـ18 سنة.
وبدأ شغفه يكبر معه حتى بعد دخول للجامعة، وبرغم دراسته البعيدة عن مجال التصوير، فهو ما زال طالبًا في هندسة أجهزة طبية، ولكن حقق نجاحات وحصل على جوائز محلية ودولية، ولا شيء سيمنعه عن التصوير لأنه يرى فيه حياة ثانية.
تلك كانت حكاية المصور العراقي حمد الشاهر ولكن لم تكن هذه كل الحكاية التي رواها لنا، حمد تربطه علاقة قوية بـ منطقة "أهوار" الواقعة في جنوب العراق، غير إنها تبعد عن مدينته ساعة ولكن لم تبعد عن خياله لحظة واحدة، يحمل معها الذكريات واللحظات التي لا تنسى عندما كان يذهب ويسبح في مياهها في الصيف، ويجلس مع أهلها لالتقاط فيها بعض الصور فيها وكل هذا قبل أن تحتضر وتلفظ أنفاسها بفعل التغيرات المناخي.
الأهوار العراقية التي تم إدراجها على قائمة التراث العالمي الخاصة بمنظمة الأمم المتحدة (اليونسكو) على وشك أن تجف تمامًا مما يتسبب بهلاك ثرواتها السمكية والحيوانية، ومن الممكن أن يفقد العراق بهلاكها إحدى العلامات الفارقة وأحد أندر الأنظمة البيئية على مستوى العالم، في البلد المصنفة الخامس من حيث أكثر الدول تأثرًا بالمناخ.
حمد شارك في مسابقة للتصوير على آثار التغيير المناخي بالعراق لأنه لمس حجم الضرر الذي لحق بالمنطقة، المسابقة نظمتها اللجنة الدولية للصليب الأحمر وبعثتها في العراق بالتعاون الهلال الأحمر العراقي، لترسل رسالة بأن الصورة بألف كلمة وربما تكون أقوى من الأرقام والإحصائيات.
المسابقة فاز بها حمد بالمركز الأول لقوة العنصر البشري فيها وقدرته على التعبير بملامحه عن حجم المعاناة، في وصف حمد للصورة “صورة الطفلة مروى التي ما زالت موجودة في أهوار ضمن فئة قليلة باقية، هي من حاكت العالم كله بنظراتها وأرجلها المشققة “مفترة” وكأنها تقول “أنقذوا أهوار”.
في الكواليس التي حكى لنا عنها بخصوص الصورة يقول "أقنعت مروى بصعوبة للتصوير لإنها لم تكن تعرف تصوير وكاميرا، جعلتها تستوعب إنه لا بد من توصيل رسالة لترجع المياه للمنطقة، وبعدما خرجت الصورة للنور، شاهدتها مروة وضحكت كثيرًا وذهبت للبيت وعادت ومعها أطفال غيرها، و قالولي أصورهم صورة مثلها وأخذت لهم صورة من أعلى وورائهم الجفاف".
وفي التفاصيل التي أرقتنا وأشعرتنا بقيمة ما حل بالمنطقة هو موقف تعرض له حمد في أهوار مع مجموعة من المصورين، حيث هجمت بعض الكلاب عليهم وفي وصفه للموقف "هجمت علينا مجموعة من الكلاب والأهالي القليلة المتبقية هم من أنقذونا.. أصحاب الكلاب نزحوا وظلت هي بعد أن كانت تحرسهم وتحرس البيوت".
حمد أكثر ما كان يحدث له غضة في قلبه هي قصص نزوح أهالي ريف أهوار للمدينة “دائمًا ما كنت أحب تصوير أهوار بحبها بشكل مو طبيعي، بحب أضيف أهلها في الصور والأطفال وتفاصيل حياتهم اليومية، وزراعتهم وسعيهم على الرزق وتربية الحيوانات، ولكن بعد الجفاف مات باب الرزق المتمثل في الحيوانات والأسماك، كل ما أروح أشعر بغصة في قلبي، لا يوجد الأهالي الذي اعتادوا على استقبالنا ولا أصدقائنا، بقى فيها فقط السكان الأصليين الذين لا يقدرون على العيش بالمدينة، باقيين كالأبطال مع إن “ماكو” لا يوجد حياة”.
حمد يستهويه تصوير الحياة ووجوه البشر ويحرص على توثيق المناسبات الدينية التي تحدث في العراق، وقته المفضل في التوثيق عند غروب الشمس حيث الإضاءة الذهبية، يلتقط الصورة ويضغط على زر الكاميرا حيث يرى الجمال فيقرر أنها هي الصورة المناسبة.
دائمًا المكان الذي يستهويه ويشعر أنه يريد توثيقه بعدسته يذهب إليه في البداية أكثر من مرة ليعتاد أهل المنطقة عليه لأن منهم لا يتقبل فكرة التصوير “أذهب إليه أكثر من مرة وأنا حامل كاميرتي ليشاهدوني بها وبعدها يعرفون إنني مصور، ولزيادة الود وكسر الحواجز أجلس معهم ونشرب الشاي حتى تتكون علاقة بينا وبعدها التقط لهم الصور”.
حمد يتمنى العودة لتصوير أهوار ولكن كما أعتاد أن يراها في السابق، وهي تنبض بها الحياة، حتى تزول تلك الغصة التي في قلبه، وبالمناسبة كنت حدثتكم في بداية المقال أن أول صورة قد التقطها حمد في حياته بكاميرته الصغيرة كانت أثناء رحلة مدرسية، ولكن لم أقل لكم عن المكان، بالطبع عرفتوها "أهوار"..وثقها وهو صغير وهو كبير.
الأكثر شعبية
بين مفاهيم خاطئة وأنواع مهددة بالانقراض.. حياة أسماك القرش وتأثيرها على الوضع البيئي
لا نملك رفاهية الوقت: نظرة على مؤتمر المناخ الأممي مع خبيرة البيئة لمى الحتو
تقدم منصة ذا كلايمت ترايب قصصًا حول التنوع والحفاظ عليه، والاقتصاد الدائري، والغذاء والماء و مدى ارتباطهم بالبيئة.
اشترك
احصل على أحدث القصص الملهمة للعمل المناخي حول العالم مباشرة في بريدك الوارد.