بدون لجام أو مهماز.. أعادت تعريف علاقتها بالخيول
لقاء مع أول مروضة خيول سعودية دانة القصيبي لتحكي كيف غيرت المفاهيم السائدة

في قلب الطبيعة الهادئة، حيث يمتزج الأصالة مع التراث، تسير السعودية دانة خالد القصيبي بخطى واثقة في عالم الخيل. منذ صباها، كانت الخيول بمثابة المرآة التي تعكس شغفها، الذي تشكل من والدها الفارس. منذ أن بلغت الرابعة من عمرها، تعلمت منه أن التواصل الحقيقي مع الخيل ليس مجرد تدريب أو ترويض، بل هو فن من فنون الروح، تواصل لا بد أن يتم بطريقة ما.
بدأت رحلتها في هذا المجال بعد رؤيتها كيفية تعامل المدربين مع الخيول، حيث يعتمد الأغلب على الطرق المعتادة والتقليدية، والتي تكون في أغلب الأحيان قاسية على الخيل، وتفتقر إلى التواصل العميق وفهم وسيكولوجيتها.

فقررت أن تكون لها رؤيتها وأسلوبها الخاص مع الخيل، من خلال تكوين ترابط وعلاقة صداقة وبناء ثقة بطرق وأساليب تثري حياة الفارس والخيل، عبر ممارسة الفروسية الطبيعية التي تركز على بناء علاقة احترام وتفهم، وتهتم بسيكولوجية الخيل وفهم طبيعة سلوكها.
هي ليست مدربة خيل بالمعنى التقليدي، فهي تفكر في الخيل بصفته حصانًا وليس إنسانًا. ترى أن استخدام الكرباج أو المهماز هو الأسلوب السائد الذي يستخدمه معظم المدربين في تدريب الخيول، لكن وضع دانة القصيبي مختلف، لأن جميع خيولها مدربة دون لجام أو مهماز أو سرج، ورغم ذلك، فهي تقوم بقفز الحواجز وتمارس جميع الرياضات الأخرى.

ومع كل هذا الكم من الترابط بينها وبين الخيل والعلاقة الاستثنائية، سألناها كيف تحافظ على استدامته؟
فسرت لنا دانة: "الخيل تحتاج لاستدامتها وتربيتها إلى الكثير من الصبر والجهد والمال، لأسباب منها ارتفاع كلفة العناية بها مقارنة بغيرها من الحيوانات، فهي تحتاج إلى عناية فائقة ودقيقة في أكلها ونظافتها، وإخراجها من غرفها للمشي، وتدريبها على الركوب، بالإضافة إلى العناية بأسنانها وحوافرها. كما أن إنتاج الخيل وزيادة عدده يتطلب اختيار الفرس المناسبة، صاحبة المواصفات المرغوبة مثل الجمال والسرعة، وبعد ذلك اختيار الفحل المناسب لتلقيحها".
وبالإضافة إلى ذلك، تضيف دانة القصيبي أن الخيل تنتج مولودًا واحدًا في السنة، بعد فترة حمل تمتد۱۱ شهرًا، بخلاف غيرها من الحيوانات التي تنتج توائم أو تلد مرتين في السنة، مرة كل ستة أشهر.
“حيث تتميز الخيول العربية بأنها تتوافق مع الأجواء الصحراوية في الجزيرة العربية، فهي تفقد الكثير من الشعر في الصيف لتخفيف الحرارة، وفي الشتاء ينمو لها الشعر لحمايتها من البرد"
ولكن دانة لها وجهة نظر في تطبيق مبدأ الاستدامة في الخيول، وذلك عن طريق المحافظة على الأنساب النادرة والجينات الموجودة، لأن بعض هذه الأنواع على وشك الانقراض.

وسألناها أيضًا عن ميزات الخيول الاستثنائية، فقالت: "تتأقلم مع الأجواء بطريقة مختلفة، حيث تتميز الخيول العربية بأنها تتوافق مع الأجواء الصحراوية في الجزيرة العربية، فهي تفقد الكثير من الشعر في الصيف لتخفيف الحرارة، وفي الشتاء ينمو لها الشعر لحمايتها من البرد، كما أن حوافرها سميكة مقارنة بباقي الخيول".
وتضيف دانة أن الخيول صديقة للبيئة، حيث يمكن الاستفادة من جميع مخلفاتها، حتى البول والبراز، لأنها مواد عضوية غنية بالمعادن، تُستخدم في الزراعة والطاقة والعلاج. ولكن ليس كل بيئة صالحة لتربية الخيل، حيث تحتاج إلى ظروف معينة.
ومع هذه المزايا الاستثنائية للخيل والعلاقة القوية التي ربطته مع دانة، ربما أفضل ما نختم به هو ارتباطها العميق بالثقافة العربية. وكما وضحت دانة، فإن الأدب العربي مليء بذكر الخيل على عكس الحيوانات الأخرى، إذ كانت تُعرف بـ "المُقَرّّّبَات، لأنها كانت تُربط قرب البيوت والخيام، وكانت الحماية الأولى ضد الأعداء، بسبب سرعتها ووفائها. ومن شدة اعتزاز العرب بها، أسموها ونسبوها كما يُنسب الابن إلى أبيه.
يقول ابن رشيق القيرواني في كتابه العمدة، مشيرًا إلى الاحتفالات التي كانت تقيمها العرب للخيل:
"وكانوا لا يهنئون إلا بغلام يولد، أو شاعر ينبغ فيهم، أو فرس تُنتَج".
الأكثر شعبية
بين مفاهيم خاطئة وأنواع مهددة بالانقراض.. حياة أسماك القرش وتأثيرها على الوضع البيئي
تقدم منصة ذا كلايمت ترايب قصصًا حول التنوع والحفاظ عليه، والاقتصاد الدائري، والغذاء والماء و مدى ارتباطهم بالبيئة.
اشترك
احصل على أحدث القصص الملهمة للعمل المناخي حول العالم مباشرة في بريدك الوارد.