مغامرة خضراء في صحراء السعودية
مبادرة السعودية الخضراء: شاب يلهم الأجيال
في عمق الصحراء السعودية، نشأ الشاب السعودي علي وسط بيئة عاشقة للطبيعة، يرى أهله وجيرانه يكافحون تحديات قاسية بسبب التصحر الذي طال أراضيهم وجعل حياتهم أصعب. لطالما أثرت في عليّ قصص جده عن الزمان الذي كانت فيه الأرض خضراء وخصبة، حينما كانت الزراعة تزدهر في الأودية، وحينما كانت الطبيعة مصدر الرزق والاستقرار للعشيرة. ومع مرور السنين، لاحظ علي كيف تقلصت هذه الأراضي، وكيف أصبحت الزراعة مهددة، ليصبح التصحر شبحاً يطارد الأحلام. ومع ازدياد صعوبة الحياة في الصحراء، شعر علي بالقلق المتزايد على بيئته، وبدأ يتساءل عن كيفية إيقاف هذا الخطر المتزايد.
حين سمع علي عن "مبادرة السعودية الخضراء"، وجد فيها فرصة ليكون جزءًا من الحل. تطوع في هذا المشروع الطموح، حيث وجد نفسه يعمل جنبًا إلى جنب مع مئات المتطوعين الآخرين في زراعة الأشجار والنباتات المحلية في مناطق متفرقة من المملكة. وخلال عمله، أدرك أهمية المبادرة ليس فقط في إعادة الحياة للأراضي المتدهورة، بل أيضًا في إحياء الأمل للمجتمعات التي طالما عانت من آثار التصحر.
مع تطور مسيرته في المشروع، بات علي أكثر وعيًا بضرورة التكاتف العربي لمواجهة التصحر في المنطقة بأسرها. فالتصحر لا يؤثر فقط على بيئة السعودية، بل يمتد تهديده ليشمل معظم المناطق العربية، حيث يهدد الزراعة ويقلص المساحات الخضراء في الشرق الأوسط. وفي أحد الأيام، حين شارك في اجتماع مع خبراء ومختصين من مختلف أنحاء العالم، شعر علي بالفخر وهو يرى بلاده تساهم في قضية بيئية عالمية، وأدرك أن هذه التجربة ستلهمه لدفع الناس في المنطقة إلى الإسهام في إنقاذ بيئتهم.
وعلى الرغم من شغف الشباب وأملهم، تبقى مهمة التصدي للتصحر مليئة بالتحديات، وهنا تظهر ضرورة تبني تقنيات مبتكرة لتوفير المياه وزراعة النباتات التي تتأقلم مع طبيعة المملكة الصحراوية. وإلى زراعة أشجار تتحمل الظروف القاسية مثل زراعة أشجار المانغروف على السواحل باستخدام مياه البحر، مما يُعَدُّ خطوة رائدة لمواجهة ظروف بيئية قاسية.
من جانبه، أوضح الدكتور خالد عبد القادر، الرئيس التنفيذي للمركز الوطني لتنمية الغطاء النباتي، أن الذكاء الاصطناعي يساعد بشكل كبير في توجيه الجهود إلى المناطق الأكثر تضررًا. وأكد عبد القادر أن المبادرة تسعى لجعل الزراعة مستدامة عبر تقليل استهلاك المياه والاستفادة من الخبرات المحلية والمتطوعين، مما يساهم في تعزيز قيمة هذا المشروع، وتهدف البلاد لزراعة ٤۰۰ مليون شجرة بحلول عام ۲۰۳۰.
لم تقتصر المبادرة على الجهود المحلية، فقد حازت على تقدير دولي. أثنت إنغر أندرسن، المديرة التنفيذية لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة، على جهود المملكة، مشيرة إلى أنها استطاعت جعل قضية التصحر جزءًا من الأجندة العالمية، بما يعزز من تأثيرها على المستوى الدولي ويجعلها نموذجًا للتعاون البيئي. وأكدت أن استضافة مؤتمر الأمم المتحدة لمكافحة التصحر (COP۱٦) في الرياض عام ۲۰۲٤ سيسهم في دفع المملكة نحو قيادة الجهود الدولية لمواجهة التصحر.
بفضل المشاركة الفعالة للشباب السعودي وشغفهم بإحياء الطبيعة، تم زرع أكثر من ٤۳ مليون شجرة ضمن "مبادرة السعودية الخضراء" حتى الآن، إلى جانب استصلاح ما يزيد عن ۹٤,۰۰۰ هكتار من الأراضي المتدهورة، مما يُظهر مدى التزام المملكة بتحقيق التحول البيئي. وشكلت هذه المبادرات انعكاسًا لأهمية التعاون بين الأجيال والقطاعات المختلفة، بدءًا من المتطوعين الشباب وصولاً إلى الخبراء وصناع القرار.
ومع كل شجرة تُزرع، يشعر علي بالفخر والرضا، إذ يدرك أن جهوده تُضاف إلى جهود جيل كامل يحمل في قلبه الأمل بإعادة إحياء الصحراء، ليس فقط في المملكة، بل في العالم العربي بأسره.
الأكثر شعبية
بين مفاهيم خاطئة وأنواع مهددة بالانقراض.. حياة أسماك القرش وتأثيرها على الوضع البيئي
تقدم منصة ذا كلايمت ترايب قصصًا حول التنوع والحفاظ عليه، والاقتصاد الدائري، والغذاء والماء و مدى ارتباطهم بالبيئة.
اشترك
احصل على أحدث القصص الملهمة للعمل المناخي حول العالم مباشرة في بريدك الوارد.