أعادت تراث الأجداد وعاشت بمبدأ صفر نفايات
لقاء مع الناشطة البيئية نجلاء عبداللطيف لتحكي لنا عن مبادرة "صفر نفايات فلسطين" وما وراء أسلوب حياتها
"إذا كل عائلة مقدسية أو فلسطينية أو بالعالم بتطلع كيس زبالة كل يوم كيف بيكون منظر مكب النفايات؟" سؤال كان يراود نجلاء عبد اللطيف الفتاة الفلسطينية التي عاشت في القدس وفي قلب الطبيعة، بسبب مشهد يومي لم تستطع أن تغض البصر عنه، مشهد النفايات في كل مكان حولها، خارج المنازل، في الطرقات والحدائق العامة.
فتخيلت إذا كان هذا الحال اليومي حولها وفي كل دولة عاصرت هذا المشهد وهذا المكب، كيف سيكون منظر المناطق بعد وقت قليل وماذا سيكون المظهر حول بيتها ومنطقتها التي تحوي حديقتها المفضلة؟
مشاهد يومية كانت تبدل حالها وكل هذا في وسط الطبيعة التي كانت تحسن من نفسيتها وتقلل من نسب التوتر لديها، الطبيعة التي تكون الوعي بها وبقضاياها أيام المدرسة من خلال فيلم اسمه "الحقيقة غير المريحة" عن التغيير المناخي.
وكل هذا في وسط الطبيعة التي كانت تحسن من نفسيتها وتبدل من حالها وتقلل من نسب التوتر لديها، ولكون نجلاء مقدسية ومبدأ الأرض مهم لديها كانت تتساءل" كيف يمكننا أن نحافظ على الأرض دون أن نحافظ على الطبيعة التي هي جزء من الأرض؟"، ولذلك رأت الشابة العشرينية أنها إذا لم تمنع انتشار القبيح فلن تسهم في توحشه.
البعض يقول إنها ثقافة غربية أحاول تطبيقها ولن تنجح في مجتمعنا، وأرد عليهم بأنها ثقافة ليست جديدة على مجتمعنا العربي وإنما مزروعة في تراث آبائنا وأجدادنا المستدامين قبل أن يكون هناك مسميات
فكان عام ۲۰۱۷ العام الفاصل بالنسبة لها أطلقت فيه مبادرة "صفر نفايات فلسطين" بعد أن فاض بها الكيل، ومن وقت إطلاقها قررت أن تقلل من نفاياتها الشخصية بقدر الإمكان، وغيرت أسلوب حياتها الذي تُكثر فيه من استهلاك الملابس وشراء المعلبات، وبين ليلة وضحاها رفضت عادات داومت عليها لأكثر من۲۰ عامًا.
فتقول نجلاء في حديثها "ألهمت من حركة صفر نفايات العالمية لتقليل التأثير على البيئة فقررت أن أبدأ مدونة أكتب وأنشر فيها كيف أستخدم بدائل قابلة لإعادة الاستخدام، وأنشر على أسلوب حياتي الذي يتعمد كليًا على مبدأ صفر نفايات، أصبحت منتجة للأشياء التي استخدمها في حياتي اليومية أكثر من مجرد مستهلكة، ولم أكتفي بالنشر على الصفحة، ولكن تحدثت مع الشركات والحكومات والأفراد للوعي العام، بجانب ورش توعية أقوم بها بطريقة ملهمة لجذب الأشخاص على اتباع هذه الطريقة في الحياة، بالإضافة للمدارس الصيفية التي أقوم بها على أرض الواقع، وكأني أزرع بذور في المجتمع".
وتحكي نجلاء عن يومها ونمط حياتها فتقول" مخلفات الأكل التي تنتج من المطبخ سواء قهوة أو قشور البيض والفواكه والخضار، أقوم بتجميعها وتحويلها لسماد، والمستحضرات التجميلية والعطور أصنعها بنفسي أو أحصل عليها من خلال منتجات صديقة للبيئة وليست أشياء تجارية عادية، وفي الخارج أثناء المشاوير أو العمل أحضر معي ما أحتاجه من زجاجات مياه وعلب وأكياس قماشية، ولا أشتري ملابس جديدة أحاول دائمًا الحصول على الملابس المستعملة من أمي وجدتي".
من وقت أن بدأت نجلاء تطبق هذا النمط في حياتها وهي قللت من نفاياتها بنسبة ۹۰%، فعندما قللت من استهلاكها للأشياء التي لم يكن لها ضرورة استطاعت أن تقلل من النفايات، اتجهت للبدائل الطبيعية والقابلة لإعادة الاستخدام ومع مرور الوقت كانت تكتشف بدائل أكثر، فبدأت من نفسها بالتقليل من تأثيرها السلبي على البيئة بشكل دائري وليس خطي، أي عدم استخدام الأشياء التي قد تؤدي في نهايتها إلى النفايات.
وأما عن ردود الفعل تأتيها التعليقات الإيجابية من أشخاص تحسنت حياتهم بعد الوصفات والنصائح التي كانت تنشرها، وكيف شعروا بالفرق من قبل وبعد حتى على مستوى صحتهم النفسية وشعروا فعلًا بالتغيير، وآخرين ردوا بتعليقات سلبية فتوضح" البعض يقول إنها ثقافة غربية أحاول تطبيقها ولن تنجح في مجتمعنا، وأرد عليهم بأنها ثقافة ليست جديدة على مجتمعنا العربي وإنما مزروعة في تراث آبائنا وأجدادنا المستدامين قبل أن يكون هناك مسميات، فالأصل كانت الاستدامة وعندما نعيش بهذه الطريقة فنحن فقط نرجع للأصل ونحافظ على التراث ولا نقلد الغرب".
وعلى ذكر ما قالته نجلاء، فإذا تذكرنا العادات والسلوكيات التي كانت تُهيمن على حياة أجدادنا، تجد جميعها تسير بمبدأ الاستدامة سواء عندما كانت الجدة تجمع الفاكهة المتساقطة من الأشجار وتحولها إلى مربيات تكفي فصل الشتاء، أو عندما كان يتعطل شيء ما في المنزل ويقوم الجد الذي يتمتع بمهارات يدوية، بإصلاحها، قبل أن يتغير كل هذا ويتحول الأمر ونتحول لمجتمعات صاحبة نزعة استهلاكية.
وبرغم من أن الصفر نفايات حالة استثنائية ومثالية وأسلوب لم يحدث بين يوم وليلة بل هو رحلة من التجارب ومعها الإخفاقات ولحظات اليأس إلا إنها أخذت القرار، فالأسهل والأسرع أنك تعيش حياة عادية، تستهلك قد ما تقدر تستهلك بدون أن تفكر ما هو التأثير في هذا، ولكن نجلاء أدركت معنى الأرض واختارت أن تعود للماضي والأصل عند أجدادنا.
الأكثر شعبية
بين مفاهيم خاطئة وأنواع مهددة بالانقراض.. حياة أسماك القرش وتأثيرها على الوضع البيئي
تقدم منصة ذا كلايمت ترايب قصصًا حول التنوع والحفاظ عليه، والاقتصاد الدائري، والغذاء والماء و مدى ارتباطهم بالبيئة.
اشترك
احصل على أحدث القصص الملهمة للعمل المناخي حول العالم مباشرة في بريدك الوارد.