من الإليكترونيات إلى البيئة
محي الدين بشرى: من الفرد إلى المجتمع، التغيير البيئي يبدأ هنا
في أزقة الخرطوم وبين منازلها العريقة، نشأ محي الدين بشرى، الذي أصبح فيما بعد من أبرز الناشطين البيئيين في السودان. منذ طفولته، غرست فيه عائلته حب الطبيعة والوعي بأهمية البيئة. والديه كانا يهتمان بتقليل هدر الطعام والمحافظة على الموارد، مما جعله يدرك أن الاستدامة ليست مجرد نظرية، بل أسلوب حياة يجب أن يُتبنى.
بدأ مشواره المهني في مجالات متنوعة من الهندسة التقنية إلى الإعلام والتصميم. لكن محطته المهمة كانت عندما انضم إلى وزارة النقل، حيث واجه تحديات بيئية كبيرة تتطلب دمج الحوكمة البيئية والاجتماعية في مشاريع الوزارة. هذا الأمر جعله يشعر بالمسؤولية الثقيلة تجاه البيئة.
لم يبدأ محي الدين نشاطه البيئي بشكل صاخب أو ملفت للنظر. بل كان الأمر أشبه بنهر هادئ يتدفق بهدوء نحو هدفه. بدأ بإجراءات بسيطة لتقليل تأثيره البيئي، مثل إعادة التدوير وتقليل استخدام البلاستيك. ولكن مع مرور الوقت، نما داخله شعور بالحاجة إلى توسيع دائرة وعيه ليشمل المجتمع كله. بدأ بتوعية الناس بمخاطر البلاستيك وأهمية التخلص الصحيح من النفايات، محاولًا إشراك الجميع في هذه الرحلة.
وتنامى هذا الدور حيث يشغل محي الدين حاليًا منصب مسؤول الإعلام والاتصالات في منظمة "SUDTT"، حيث يركز على قضايا المناخ، خاصة تأثير الفيضانات على المجتمعات المحلية. ومن بين مشاريعه البارزة، مشروع على جزيرة توتي التي تعاني من الفيضانات السنوية. يسعى المشروع إلى سد الفجوة في الوصول إلى المعلومات بين المجتمع المحلي ومزودي المعلومات، وتعزيز الطرق التقليدية لمكافحة الفيضانات.
التحدي الأكبر الذي يواجههم كان نقص البيانات اللازمة لتنفيذ المشاريع، وصعوبة كسب ثقة المجتمع المحلي. كثيرًا ما كانوا يسمعون من الناس: "الذين قبلكم قالوا نفس الشيء ولم يحدث شيء." لكن محي الدين لم يستسلم، بل استمر في جهوده، مؤمنًا بأن العمل الجماعي والتعاون الدولي هما السبيل لتحقيق التغيير.
يقيم الناشط البيئي نجاحه بمدى تأثيره على المجتمع وزيادة الوعي بالقضايا البيئية. ومن أبرز إنجازاته قبوله في برنامج وفد الشباب الدولي للمناخ ضمن مؤتمر "COP28"، وهو تأكيد على إيمانه بأهمية العمل الجماعي والتعاون الدولي لحل القضايا البيئية.
كما أنه يطمح لأن يكون جسرًا بين السياسات الدولية والعمل المحلي، وأن يسعى لتطبيق مفهوم الاستدامة بشكل أوسع في السودان وخارجه. يؤمن بأن التغيير يبدأ من الفرد، ثم يتسع ليشمل المجتمع بأسره. ويشدد على أن الناس يثقون بمن يمارس ما يعظ به، ويدعو الجميع لأن يكونوا قدوة في الحفاظ على البيئة.
وتلهمنا رحلة محي الدين بشرى لتحقيق الاستدامة بأن الشغف يمكن أن يتحول إلى عمل حقيقي يؤثر في المجتمع. بتوجيهه للفرد، ودعوته للتعلم والوعي، يؤكد أن لكل فرد دورًا في حماية البيئة وتحقيق تغيير إيجابي.
الأكثر شعبية
بين مفاهيم خاطئة وأنواع مهددة بالانقراض.. حياة أسماك القرش وتأثيرها على الوضع البيئي
تقدم منصة ذا كلايمت ترايب قصصًا حول التنوع والحفاظ عليه، والاقتصاد الدائري، والغذاء والماء و مدى ارتباطهم بالبيئة.
اشترك
احصل على أحدث القصص الملهمة للعمل المناخي حول العالم مباشرة في بريدك الوارد.