بين التهديدات والتحديات: قصة مهدي ليث في نشر الوعي البيئي في العراق
مهدي ليث: صوت البيئة في العراق وتحديات حماية التنوع البيولوجي
في قلب بغداد، حيث تعج الحياة بالصخب والحيوية، بدأت رحلة مهدي ليث في عالم البيئة. لم تكن البداية من هذا المجال، فقد درس العلوم السياسية، ولكن شغفه بالبيئة كان دائمًا حاضرًا. منذ طفولته، كان مهدي مفتونًا بالطبيعة والحياة البرية، وهذا الشغف هو الذي قاده إلى مسار مختلف تمامًا عن مجاله الأكاديمي.
في عام ٢٠١٥، بدأ مهدي يشارك في مبادرات بيئية بسيطة في العراق. كانت البداية متواضعة، لكنها كانت مبنية على حب كبير للطبيعة. وفي عام ٢٠١٧، بعد عودته إلى العراق، التحق بمنظمة المناخ الأخضر العراقية، وكانت هذه الخطوة الأولى نحو تحقيق حلمه في العمل البيئي بشكل أكثر تنظيمًا. تعمقت معرفته بالقضايا البيئية والتنوع البيولوجي، وبدأ يدرك حجم التحديات التي تواجه العراق في هذا المجال.
كانت أولى مبادرات مهدي الكبرى تنظيم مهرجان عالمي للاحتفال باليوم العالمي للحياة البرية في ٣ مارس. هذا الحدث، الذي أقيم في أحد المولات الكبرى في بغداد بالتعاون مع منظمة المناخ الأخضر العراقية، كان الأول من نوعه في العراق. حقق المهرجان نجاحًا كبيرًا، حيث جذب اهتمام وسائل الإعلام المحلية والدولية. شاركت فيه العديد من العائلات والمدارس، وكان له أثر كبير في نشر الوعي البيئي بين الناس.
منذ البداية، كان مهدي مهتمًا بالتنوع البيولوجي والحياة البرية. لاحظ وجود مشكلة كبيرة في العراق تتعلق بالصيد الجائر والتجارة غير القانونية في الحيوانات البرية. بدأ ينشر التوعية حول هذه القضايا عبر وسائل التواصل الاجتماعي، حيث كان لديه شغف خاص بالزواحف. هذه الكائنات، التي كانت تعتبر غير مرغوب فيها في الثقافة العراقية، كانت جزءًا مهمًا من التوازن البيئي. عمل مهدي على تغيير الصورة النمطية لهذه الكائنات، موضحًا أهمية وجودها في الطبيعة.
كان سوق الغزل في بغداد يشكل تحديًا كبيرًا لمهدي. هذا السوق الشعبي كان يعج بالصيادين والتجار الذين يعرضون الحيوانات البرية للبيع بشكل غير قانوني. بدأ مهدي بنشر الوعي حول هذه القضية عبر وسائل التواصل الاجتماعي، ولكن هذا العمل جعله يواجه تهديدات مستمرة من قبل الصيادين والتجار. تعرض للتهديد بالقتل، مما اضطره للتوقف عن دخول السوق، لكنه لم يتوقف عن نشر الوعي بطرق أخرى.
ورغم أن والده كان دائمًا يشجعه على حب الحيوانات، إلا أن نشاطه البيئي لم يكن مدعومًا بشكل كامل من قبل عائلته. كانوا يرون أن تركيزه على النشاط البيئي التطوعي يأتي على حساب حياته المهنية والمادية. كان عليه أن يوازن بين شغفه بالبيئة واحتياجاته الشخصية والمهنية، وهي مهمة لم تكن سهلة. واجه صعوبة في تخصيص الوقت للعمل والعائلة، مما أثار بعض التوترات في البداية.
تعرض مهدي للعديد من التهديدات من الصيادين وبعض المشاهير الذين كانوا يعارضون رسالته البيئية. كانت هذه التهديدات تأتي عبر وسائل التواصل الاجتماعي وأحيانًا بشكل مباشر. رغم ذلك، استمر في مسيرته، مؤمنًا بأن نشر الوعي البيئي هو هدف نبيل يستحق التضحية. أدرك أن كل قضية مهمة ستواجه معارضة، ولكنه كان مصممًا على المضي قدمًا. كان يقول: "طالما أنا متأكد من صحة معلوماتي وأسير على الطريق الصحيح، فلا شيء سيمنعني من تحقيق هدفي".
اليوم، يواصل مهدي عمله كمدير الإعلام والعلاقات في منظمة المناخ الأخضر العراقية. يشارك في مشاريع متنوعة، وينظم ورش عمل للأطفال لتعليمهم أهمية الحياة البرية. كما يعمل على إنتاج وثائقيات في الإمارات ويشارك في مؤتمرات دولية مثل COP٢٨. يسعى دائمًا لنشر الوعي البيئي وتعزيز التعاون بين الجهات الحكومية والدولية. يشارك في مؤتمرات وورش عمل، ويساهم في مشاريع توعية موجهة للأطفال والشباب لتعزيز فهمهم لأهمية التنوع البيولوجي.
يعتبر العراق خامس أكثر دولة متضررة من التغيرات المناخية. تسعى منظمة المناخ الأخضر العراقية إلى مساندة الحكومة في اتخاذ إجراءات للحد من التأثيرات السلبية لهذه التغيرات. ويعمل مهدي على نشر الوعي البيئي بين الناس وتعزيز التعاون بين الجهات الحكومية والدولية لمواجهة هذه التحديات. يركز على التكيف مع التغيرات المناخية من خلال تعزيز المشروعات التي تهدف إلى الحد من آثار هذه التغيرات. يؤمن مهدي بأهمية وسائل التواصل الاجتماعي في نشر الوعي البيئي. يستخدم هذه الوسائل للوصول إلى فئات واسعة من المجتمع، وخاصة الشباب والأطفال. يقول مهدي: "السوشيال ميديا أداة قوية يمكن استخدامها لنشر الوعي البيئي بين جميع الفئات العمرية".
من بين الخطط المستقبلية لمهدي تنظيم رحلات بيئية لتعزيز الوعي البيئي بين الناس وربطهم بالطبيعة. يعتقد أن التواصل المباشر مع البيئة يساعد الناس على فهم قيمتها وأهمية حمايتها. يهدف إلى تنظيم هذه الرحلات في العراق والدول العربية، لتعزيز حب الطبيعة واحترامها. يطمح إلى أن يلمس الأطفال والشباب جمال الطبيعة ليؤمنوا بأهميتها ويحافظوا عليها.
يؤكد مهدي أن كل فرد يمكن أن يكون ناشطًا بيئيًا. يشجع الناس على نشر الوعي البيئي والتصدي للتصرفات السلبية التي تضر بالبيئة. يرى أن حماية البيئة جزء من الهوية الوطنية، ويجب على الجميع المساهمة في الحفاظ عليها. يؤمن بأن كل شخص يمكن أن يحدث تغييرًا إيجابيًا إذا تبنى قضية حماية البيئة. يقول: "كل فرد يمكن أن يكون جزءًا من الحل إذا آمن بأهمية الحفاظ على البيئة".
قصة مهدي هي قصة نجاح تلهم الكثيرين، وتؤكد أن الشغف والإصرار يمكن أن يحدثا فرقًا حقيقيًا في العالم. رغم كل التحديات التي واجهها، يظل مهدي مصممًا على تحقيق هدفه.
الأكثر شعبية
بين مفاهيم خاطئة وأنواع مهددة بالانقراض.. حياة أسماك القرش وتأثيرها على الوضع البيئي
تقدم منصة ذا كلايمت ترايب قصصًا حول التنوع والحفاظ عليه، والاقتصاد الدائري، والغذاء والماء و مدى ارتباطهم بالبيئة.
اشترك
احصل على أحدث القصص الملهمة للعمل المناخي حول العالم مباشرة في بريدك الوارد.