الأشياء ليست كما تبدو حتى تختبرها
لقاء مع الناشط البيئي لؤي رضوان ليحكي لنا عن مواقف غيرت نظرته للحياة والبيئة
" في قرية فقيرة في السنغال أثناء عملي على بعض المشاريع المتعلقة بالبيئة والمناخ، صادفت أطفالًا كانوا يبيعون طعامًا في الشارع وعندما طلبت أن أصورهم كنوع من الذكرى في المكان لم يستوعبوا الأمر في البداية، لم يعرفوا كيف يقفون لالتقاط الصورة وكأنهم أول مرة في حياتهم يقومون بتصوير أحد أو أحد يقوم بتصويرهم أو يشاهدوا فيها كاميرا من الأساس".
هذا الموقف الذي تعرض له الناشط البيئي لؤي رضوان كان صدمة وإلهامًا بالنسبة له ليصحح له اعتقاده الخاطئ واعتقادنا جميعًا، بأنه ليس لكل الأشخاص إتاحة لأشياء نعتبرها طبيعية مكفولة ومضمونة حتى ولو كانت محاولة التقاط صورة فالبعض يعتبرها رفاهية.
واستطاع أن يقيس لؤي هذا الموقف على كل الأمور في الحياة والبيئة التي لديه اهتمام بها ودرس بسببها هندسة بيئية في جامعة زويل، هذا التخصص الوحيد الموجود في هذه الجامعة المصرية، والتي استطاع بسببها أن يتدرج في المناصب حتى وصوله للعمل كمستشار للاستدامة في شركة جرين دلتا في ألمانيا.
فتيقن لؤي من خلال هذا الموقف أن الأمور الطبيعية كالماء والهواء النظيف قد تكون رفاهيات عند البعض وهذا ما دفعه لينغمس في العمل البيئي أكثر وبالتحديد في المشاريع البيئية ليساعد المتضررين على أرض الواقع.
فعلى سبيل المثال أول مشروع يقوم به في حياته هو قيامه بتجميع أكواز الذرة التي كان يحرق جزء كبير منها في مصر وتحويلها لمواد مستدامة بديلة لمنتجات البلاستيك، ومشروع إعادة تدوير لأثاث قديم وأعمدة إنارة وبعض المخلفات المتواجدة في منطقة سهل حشيش وتحويلها لقطع فنية، وكان أهمهم المشروع الذي أسسه( G-beetle) وحاول من خلاله مساعدة الفلاحين على التأقلم مع الظروف الناجمة عن تغير المناخ وتقليل الري السطحي الذي يسهلك كمية كبيرة من المياه.
فيقول لؤي عن المشروع "هذا المشروع يقوم بمساعدة الفلاحيين في ترشيد استهلاك المياه والمحافظة على النباتات من الأمراض، من خلال استخدام مركبات متجولة وأجهزة استشعار عن بعد، تتحرك في الحقل وتجمع معلومات عن النباتات والتربة، هذه المعلومات تعطي الفلاح فكرة عن الإجراءات والخطوات الواجب اتخاذها في سبيل المحافظة على النباتات، وأهمها نسبة الأسمدة والمياه التي يحتاجها وكذلك تنبه المزارع في حال وجود أي مشاكل في الحقل، وتنبيه في حالة وجود أي أمراض في التربة قبل أن ينتشر هذا المرض ويخرب المحصول".
وبفضل المشاريع المتعددة التي عمل عليها سافر أنحاء العالم وتعامل مع الكثير ممن يمروا بظروف مختلفة معظمهم في قرى نائية ورأى جزء من معاناتهم الحقيقة، ونتيجة لذلك عندما أعلنت الأمم المتحدة عن اختيار ۱۷ من المدافعين والمدافعات الشباب عن التنمية المستدامة، للمساهمة في قيادة الجهود لمكافحة بعض التحديات الأكثر إلحاحًا في العالم وكانوا أصواتًا متنوعة من جميع مناطق العالم، وهم مسؤولون عن حشد ملايين من الشباب لدعم هذه الأهداف، وقتها تم اختيار لؤي رضوان من بين أكثر من ۷ آلاف شاب يمثلون ۱۷۲ دولة.
لؤي منذ طفولته يعشق السفر وأثناء رحلاته كان يرى القمامة في كل اتجاه وتلوث الهواء خاصة في المناطق البسيطة كالأرياف وأحيانًا كانت في أوقات مثل موسم الأرز والسحابة السوداء التي تتكون بعد حرق المحصول، ومن المواقف التي لن ينساها وهو صغير عند زيارته لأسرة في الأرياف، المياه التي كام يستخدمونها للشرب لم تكن أنقى شيئًا استغرب رغم سنه الصغير وببراءة قارن بالمياه التي كان يشربها في منزله والمياه التي شربها في هذا المكان وتسائل عن السبب.
لم يستوعب الموقف وقتها ولكنه عندما كبر وتعرض لنفس الموقف مع أطفال السنغال الذين كانوا لا يمتلكون رفاهية التصوير والكاميرات، تذكر هذا الموقف الذي اختبره في طفولته وعرف بعدها أن معظم الأشياء التي نمتلكها في الطبيعة نأخذها وكأنها مكفولة ومضمونة ولذلك لا نشعر بقيمتها إلا إذا اختبرنا فقدانها.
فهناك ثلاثة أنواع من الأشخاص، من يعتقد أنها مضمونة ومن اختبر فقدانها وأصبح يراها كرفاهية، ومن يحارب من أجل التحسين وإحداث فرق وهذا ما أدركه لؤي بعد سنوات ويعمل عليه الآن.
الأكثر شعبية
بين مفاهيم خاطئة وأنواع مهددة بالانقراض.. حياة أسماك القرش وتأثيرها على الوضع البيئي
تقدم منصة ذا كلايمت ترايب قصصًا حول التنوع والحفاظ عليه، والاقتصاد الدائري، والغذاء والماء و مدى ارتباطهم بالبيئة.
اشترك
احصل على أحدث القصص الملهمة للعمل المناخي حول العالم مباشرة في بريدك الوارد.