"كفاية بلاستيك".. عندما تجتمع الموضة والأزياء بالاستدامة
اتجاهات مستدامة تراعي الاعتبارات البيئية في مجال الموضة والأزياء، تقودها مصممة الأزياء المصرية "زي" من خلال حملات تحت إطار التوعية بأضرار استخدام البلاستيك، وأهمية إعادة تدوير الملابس وتشجيع الموضة البطيئة.
تحويل شيء يعتمد بشكل رئيسي على قواعد وأسس ضارة بالبيئة، إلى شيء مستدام، يعد تحول جذري. فتحويل الموضة والأزياء إلى صناعة مستدامة بمجهود ذاتي في محاولة للتعميم في كل الصناعة، شيء أثار إعجابنا واندهاشنا، لأن مجال الأزياء والملابس بشكل كبير يعتبر صناعة تعتمد كواليسها على بعض الأشياء التي تنظر إلى الموضة دون اعتبارات للاستدامة، لكن أصبحت محاولات التغيير لها صوت مسموع، أحدهم كان صوت مصممة الأزياء المصرية زينب طلعت أو "زي"، التي تعتمد على اتجاهات مستدامة في مجالها، فهي فنانة محبة للطبيعة، لديها شغف وحلم بعالم أفضل، أعادت تدوير البلاستيك في صناعة الأزياء.
لكن قصتها مع الوعي بمخاطر البلاستيك ذو الاستخدام الواحد بدأت بموقف صغير: أثناء التسوق في الهند: "كنت أشتري قميصًا في الهند في عام ۲۰۱٦ واندهشت عندما مني دفع المال إذا أردت أن آخذ كيسًا بلاستيكيًا. لقد أعجبتني هذه الخطوة البسيطة التي تمكنت من خلالها من تقليل استهلاك البلاستيك، ثم تعرضت لموقف مشابه عندما كنت في فرنسا في عام ۲۰۱۸ لأخذ دورة تدريبية في التصميم، وهناك يتم تحصيل رسوم أيضًا ولكن على الأكياس الورق. عندما عدت إلى مصر، كان لدي العادة بالفعل أن أحمل حقيبة قابلة لإعادة الاستخدام أثناء التسوق ولكن الناس في المحلات كانوا يسخرون مني ولم يفهموا حتى لماذا أرفض أخذ أكياس بلاستيكية، في تلك اللحظة شعرت أنه يجب عليّ استخدام فني لنشر الوعي لأنه لم يكن الكثير من الناس على علم بالتأثير الضار للبلاستيك ذو الاستخدام الواحد. فما يتبادر إلى ذهني عند الحديث عن البلاستيك هو السرطان.. البلاستيك يسبب بشكل مباشر وغير مباشر العديد من أمراض السرطان، سواء أثناء إنتاجه أو استهلاكه أو حتى بعد التخلص منه".
ومن هنا بدأت في حملة "كفاية بلاستيك"، التي انطلقت في عام ۲۰۱۹، وهي في الأساس مشروع فني يهدف إلى التصدي للتأثير البيئي السلبي للبلاستيك ذو الاستعمال الواحد على حياتنا، لكن واجهت الحملة بعض الصعوبات في التمويل وقتها، فاتجهت "زي" إلى فكرة أخرى وهي صنع أزرار من نفايات البلاستيك، أزرار من أكياس الحلوى وغيرها، تصنع منها أشكالًا مختلفة، وبالفعل تمكنت -باستخدام ربح هذه الفكرة- من إجراء جلسة تصوير كدعايا للحملة.
وضمنها، استخدمت "زي" أسلوب مبتكر في إعادة تدوير البلاستيك في صناعة الأزياء، فصنعت منه قطع ملابس تم الترويج لها بالفعل، ولكن البعض فسر ذلك بأنه تشجيع على استخدام البلاستيك في الأزياء وأن هذه الطريقة قد تزيد من النفايات، لكن من وجهة نظر "زي" تقول: "أنا ضد أي شيء مصنوع من البوليستر أو غير طبيعي يأتي في اتصال مباشر مع الجلد، ضد الأزياء السريعة لأنها تسبب الكثير من التلوث والميكروبلاستيك وتستهلك الكثير من الموارد الطبيعية، أنا مع المواد الطبيعية، والأزياء البطيئة، وإعادة إحيائها".
صنعت "زي" فستانًا بالكامل من البلاستيك، ضمن فعاليات الحملة، وجلسة التصوير الخاصة بهذا الفستان تم تنفيذها على شاطئ البحر، والهدف من التقاط الصور على الشاطئ هو إظهار التناقض بين جمال الطبيعة وقبح البلاستيك، ولالقاء الضوء على التأثير الضار للنفايات البلاستيكية عند التخلص منها في البحر.
وعن الموضة والاستدامة، فالمزيد من الناس يصبحون أكثر وعيًا وبعضهم يبذلون جهودًا حقيقية لتكون صديقة للبيئة، ولكن لا تزال الموضة السريعة تجتاح الساحة، والجودة تتدهور أكثر فأكثر، أما بالنسبة للأشخاص العاديين، ليس من السهل أن تصنع جودة جيدة في الوقت الحالي خصوصًا مع منافسة الموضة السريعة بأسعارها، لكن قد يكون الحل في أن يبدأ الناس في تقليل استهلاكهم والاستثمار في جودة أفضل، أو الحد من الانجراف وراء الموضة السريعة واستبدالها بإعادة إحياء ملابسهم وتنسيقها بأكثر من طريقة، وفي هذا نجد الكثير والكثير من الطرق خاصًة على مواقع التواصل الاجتماعي وهناك العديد من المهتمين بالموضة الذين يقدمون هذا النوع من المحتوى.
ردود الفعل على الحملة كانت إيجابية، فأشاد بها الكثيرون، وبدأت بعدها الحكومة المصرية والأسواق المحلية في اتخاذ بعض الإجراءات للحد من استخدام البلاستيك لمرة واحدة.
لكن "زي" لم تتوقف هنا، فتود أن تأخذ "كفاية بلاستيك" إلى مستوى آخر وتقوم بإنشاء بدائل فنية للبلاستيك القابل للاستخدام مرة واحدة. ولإنها فنانة، فهي تقوم حاليًا بتدوير جميع أنواع المواد وتخلق أعمال فنية مختلفة من النفايات. وفي هذا الاتجاه استضافت ورشة عمل تسمى "أحيي خزانة ملابسك" لنشر مفهوم تجديد الملابس القديمة باستخدام مواد غير مرغوب فيها وجعلها تبدو أفضل، بدلاً من شراء ملابس جديدة باستمرار. وهذه طريقة لتحقيق الاستدامة والتقليل من النفايات والاستهلاك.
شغف "زي" بالموضة بدأ مبكرًا، فتروي لنا لمحات من طفولتها: "اعتدت أن ألف الشرائط على قدمي لصنع صندل، وكنت أتساءل كيف يمكنني إضافة نعال إليها. كما اعتدت أيضًا على مزج الملابس ومطابقتها والتوقف مؤقتًا لالتقاط بعض الصور مع أمي.. أتذكر رسم النساء بملابس جميلة، ولدي قمصان قمت برسمها بنفسي منذ طفولتي".
"أعتقد أن كل واحد منا جاء إلى الحياة لغرض معين. أنا أحب الفن والطبيعة وأحلم بحياة أفضل للجميع.. أريد أن أستخدم موهبتي بالطريقة الصحيحة، أنا فقط أؤمن بما أقوم به وأستطيع أن أرى أنني أحدث فارقًا حتى ولو كان قليًا حتى الآن، أنا فقط ألهم أي شخص يمكنني أن ألهمه، لذا سأستمر حتى لو شعرت بالإحباط في بعض الأحيان" ونحن نتفق مع "زي" في ذلك ونؤمن بنفس المبدأ.
الأكثر شعبية
بين مفاهيم خاطئة وأنواع مهددة بالانقراض.. حياة أسماك القرش وتأثيرها على الوضع البيئي
تقدم منصة ذا كلايمت ترايب قصصًا حول التنوع والحفاظ عليه، والاقتصاد الدائري، والغذاء والماء و مدى ارتباطهم بالبيئة.
اشترك
احصل على أحدث القصص الملهمة للعمل المناخي حول العالم مباشرة في بريدك الوارد.