سلحفاء جعلتها تدرك مدى جمال وتعقيد الطبيعة .. فسعت لإنقاذها
لقاء مع الدكتورة هند العامري المتخصصة في تقييم وصون التنوع البيولوجي لتحكي لنا كيف سعت لإنقاذ البيئات المهددة بالانقراض.
بدأ شغفها وحبها للبيئة منذ الطفولة حيث كانت تقضي الكثير من الوقت مع الطبيعة، تجد فيها مسكنها وتراقب وتلاحظ كل شيء، هذه المراقبة والملاحظة خلقت لديها فضول كبير لمعرفة كيفية عمل الأنظمة البيئية وكيفية تفاعل الكائنات الحية مع بعضها البعض، ولذلك عندما كبرت قررت دراسة مجال نادر يعزز شغفها أكثر ويكسبها العلم الذي يرضي فضولها، فزادها رغبة للعمل على حماية البيئة وخاصة الحفاظ على التنوع البيولوجي، لتصبح الدكتورة هند العامري بعد ذلك متخصصة في تقييم وصون التنوع البيولوجي.
فتحكي لنا في البداية عن مسيرتها "بدأت دراستي في مجال البيئة، حيث التحقت ببرنامج دراسي يركز على العلوم البيئية، درست موضوعات متنوعة تشمل علم النبات، وعلم الحيوان، والإيكولوجيا، علم الجينات، والأنظمة البيئية، بعد التخرج، بدأت مسيرتي المهنية في هيئة البيئة - أبوظبي، وخلال هذه الفترة طبقت ما تعلمته عمليا من خلال الرحلات الميدانية وتحليل البيانات والذي ساهم في تعزيز مسيرتي العلمية إكمال دراساتي العليا، حيث تخصصت أكثر في المحافظة على التنوع البيولوجي والعلوم البيولوجية في مرحلة الماجستير والدكتوراه، ومع مرور الوقت، اكتسبت خبرة واسعة مما أهلني لتولي برنامج الحفاظ على الأنواع المهددة، وإعادة تأهيلها".
ولكن كان هناك دائمًا شغف وحب استثنائي للسلاحف البحرية على وجه الخصوص حتى تختارها كموضوع أساسي في دراستها، حتى في معظم صورها تكون السلاحف هي البطلة فتقول الدكتورة هند عن السبب "اخترت السلاحف البحرية كموضوع دراستي لأسباب متعددة تتعلق بأهمية هذه الكائنات البيئية وتحديات الحفاظ عليها. السلاحف تعتبر مؤشراً صحيًا للأنظمة البيئية البحرية لأنها تلعب دوراً حيويًا في الحفاظ على صحة الشعاب المرجانية والأعشاب البحرية، على سبيل المثال، تساعد السلاحف البحرية على الحفاظ على توازن النظام البيئي من خلال استهلاك النباتات البحرية وتنظيف الشعاب المرجانية من الكائنات الصغيرة التي قد تضر بها".
وسبب آخر جعلها تتمسك بالسلاحف هي التهديدات التي تلاحقها واكتشفتها من خلال الأبحاث والدراسة ومنها التغير المناخي، فقالت أن التغير المناخي يمثل تهديدًا كبيرًا للتنوع البيولوجي، ويساهم بشكل مباشر في انقراض العديد من الكائنات، بما في ذلك السلاحف البحرية، منها؛ درجة حرارة الرمال التي تحتضن بيض السلاحف البحرية تحدد إذا كانت صغار السلاحف ذكر أم انثى؛ وارتفاع درجات الحرارة يمكن أن يؤدي إلى نسبة أكبر من الإناث مقارنة بالذكور، مما يهدد التوازن الجنسي الضروري لتكاثر الأنواع على المدى الطويل، وارتفاع مستوى سطح البحر يؤدي إلى تآكل الشواطئ وفقدان مواقع التعشيش الطبيعية للسلاحف البحرية، والظواهر الجوية القاسية يمكن أن تسبب تدمير الموائل الطبيعية للسلاحف البحرية.
وفي العموم ارتفاع درجات حرارة المحيطات يؤدي إلى تغيير سلوك الكائنات البحرية الأخرى ويؤثر على مسارات الهجرة فتقول " بعض الأنواع التي تفضل المياه الدافئة قد تنتقل إلى مناطق التغيرات في التيارات البحرية " وهذه الإجابة يمكنها تفسرأيضَا سبب تغير سلوك بعض أسماك القرش وظهورها على شواطيء لم نعتد على وجودها فيها.
خلال رحلات هند والزيارات التي تقوم بها خلال أعمالها البحثية حكت لنا موقف علقها أكثر بالسلاحف أو بالبيئة بشكل عام فتقول "أحد المواقف التي لن أنساها عندما كنت أعمل مع فريق بحثي على إحدى الجزر. كنا نراقب مواقع تعشيش السلاحف البحرية، وفي إحدى الليالي، شهدت عملية تعشيش كاملة من قبل سلحفاة منقار الصقر. كانت تلك اللحظة مدهشة بالنسبة لي، حيث رأيت السلحفاة بحرص تحفر حفرة وتضع بيضها قبل أن تغطيه بالرمل وتعود إلى البحر. تلك التجربة علمتني الكثير عن صبر وقوة هذه الكائنات، وكيف أنها تكافح من أجل بقاء نوعها".
أثناء مسيرة هند المهنية، تطورت نظرتها للبيئة بشكل ملحوظ، في البداية، كان اهتمامها بالبيئة منصبًا على جمال الطبيعة وتنوع الكائنات الحية، كانت تراها كعنصر جمالي يجب الحفاظ عليه، دون أن تكون على دراية كافية بالعمق العلمي والتحديات التي تواجهها.
ومع التقدم، فهمت التحديات وبدأت ترى البيئة من منظور أكثر تعقيدًا، أدركت أن الحفاظ على البيئة ليس مجرد مسألة تقدير جمالها، بل يتعلق أيضًا بفهم الأنظمة البيئية المعقدة، وبعدما لمست التهديدات التي تحيط بالسلاحف البحرية، زادها رغبة في أن تعمل على حفاظ هذه الكائنات وغيرها من الكائنات المهددة بالانقراض والعمل على تأمين مستقبلها في بيئاتها الطبيعية.
فتجربة السلحفاء عززت لديها إيمانًا عميقًا بأهمية حماية البيئة والكائنات البحرية. وكل رحلة وكل دراسة كانت تذكيرًا لها بمدى تعقيد وجمال الطبيعة، وتعلمت منها أن كل جزء من البيئة مترابط، وأن التغير في عنصر واحد يمكن أن يؤثر بشكل كبير على البقية، وكيف أن كل جزء منها يستحق العناية والاهتمام خاصة مع التغيرات المناخية التي تهددها، فسعت لإنقاذ هذه الكائنات.
الأكثر شعبية
بين مفاهيم خاطئة وأنواع مهددة بالانقراض.. حياة أسماك القرش وتأثيرها على الوضع البيئي
تقدم منصة ذا كلايمت ترايب قصصًا حول التنوع والحفاظ عليه، والاقتصاد الدائري، والغذاء والماء و مدى ارتباطهم بالبيئة.
اشترك
احصل على أحدث القصص الملهمة للعمل المناخي حول العالم مباشرة في بريدك الوارد.