عندما تأتي السردية على هيئة "سمعت آخر خبر حلو؟"
لقاء مع الصحفية وصناعة المحتوى المصرية مريم سوليكا لتخبرنا عن منصتها في نشر الأخبار الإيجابية

كانت أشبه بالمنارة للإيجابية وشعلة الأمل في خضم جائحة كوفيد، وقتها كنا نُقصف يوميّا بأخبار عن الوباء ووزارة الصحة تعد الوفيات، وأخبار كانت تبعث بالمشاكل النفسية قبل أت تبعث بالحلول، حتى أخد الناس ينتظرون وقتها مصيرهم الحتمي، وقتها ومع كل هذه الكآبة في الأخبار التي كانت بين الأسود والرمادي، فكرت الصحفية وصانعة المحتوى المصرية مريم سوليكا أن تخبر القضية ولكن بطريقتها الخاصة وحالت أن تنظر لبرهة من الزمن إلى الجانب المشرق من الأشياء، لم تكن تفكر في تجاهل الواقع المرير ولا تنوي ذلك ولكنها حاولت تحتفل بالنجاحات الصغرى وبالصمود.

فقامت بإنشاء قناة إعلامية متخصصة في نشر الأخبار الإيجابية، شرعت مريم في تجميع القصص المحفزة وتنزيل مقاطع فيديو وتسجيلات قصيرة عبر شبكات التواصل الاجتماعي لنشر محتواها الإيجابي، ومن خبر إيجابي لخبر إيجابي وجدت تفاعل غير متوقع من الجمهور توالت معها الأخبار الإيجابية عن كل شيء وأي شيء يبعث البهجة في نفوس المتابعين.
ولكن بقى السؤال الأهم، عندما يأتي الأمر للأخبار المتعلقة بالتغيرات المناخية والكوارث البيئية كيف كانت تتعامل معها؟ وكيف كانت تقدمها؟ وخاصة وإنها في الغالب تصب في النطاق السلبي عندما يتم الحديث عن فيضانات وأعاصير ومهاجرون ومشردون جراء التغير المناخ وقصص أناس تمحى معها.

فبرغم أن قضايا المناخ والأعاصير والفيضانات معظمها تصب في حكم الأخبار السلبية ولكن تقول لنا مريم سوليكا " أحاول مع فريقي أن نأخذ هذه القضايا من منظور آخر وهو منظور صحافة الحلول، وكيف يمكننا ببساطة أن نصنع بصمتنا في كل هذا الدمار وكيف للفرد أن يكون له مسؤولية"
لم تتوقف سوليكا على هذا الحد أو أن تحاول البحث عن الإيجابية في أخبار المناخ الكئيبة بل قامت بإنشاء محتوى خاص بالاستدامة والبيئة بطريقة مبتكرة تشبه منصتها ورسالتها، فهمت ما يحتاجه جمهورها واستطاعت استخدام الأسلوب واللغة المناسبين بدون استخدام مصطلحات علمية معقدة والأهم من ذلك هو تقريب القضايا للناس ولحياتهم اليومية.
وليس هذا فقط بسيبب واجب مريم سوليكا الصحفي ولكن لأنها تدرك أهمية السردية في قضايا مثل تغير المناخ كما تقول مريم "عادة أي شخص يسمع كلمة قضايا المناخ عقله بشكل تلقائي يرفض استقبال أي معلومة قادمة بعد هذه الجملة، لأن بالنسبة لهم هذا شيء في المستقبل البعيد .. لذلك ما نفعله حاليًا هو إننا نقوم بتغير هذه السردية ونقرب القضية للأشخاص من خلال القصص وتبعياتها، خاصة في المناطق المحيطة والمتعلقة مثل ما حدث مع جيراننا في ليبيا".
وأدركت مريم أكثر أهمية السردية عندما تعرضت لمواقف معينة أثناء مشاركتها في مؤتمر المناخ لمدة ثلاث سنوات، الأولى خلال إقامتها في الإمارات أثناء مشاركتها في مبادرة بطل المناخ للشباب مع معالي شما المزروعي وزيرة تنمية المجتمع في دولة الإمارات العربية المتحدة
أوضحت مريم " احتكيت في هذه السنة بشباب من العالم كله، والأهم مع الفئات الأكثر تضررًا بتغيرات المناخ في العالم، من مدن وجزر صغيرة على وشك إنها تتأكل من ارتفاع منسوب المياه، وسافرنا مناطق في أفريقيا وفي منطقة اسمها نيروبي، كانت من أكبر المناطق العشوائية في العالم".

وأضافت " ولأن شباب هذه المناطق هم الفئة المتضررة من سرعة تغير المناخ، فهذا كان يدفعهم لإيجاد حلول وأن يظهروا في الإعلام حتى يتكلموا عن بيوتهم ومدارسهم التي أصبحت تحت المياه، كل هذا كان بالنسبة لي انعكاس على إنه للأسف لن يقدم شخصًا على حكي ماذا يحدث أو تقديم حلول إلا لو كان هو المتضرر الأول من تداعيات شيء معين، أدركت إنه لن يتحرك إلا الفئات الأكثر تضررًا، وبما إننا مجتمع دولي لابد أن نتضرر لبعضنا لبعض، بمعنى أخر لا ينبغي انتظار فئة معينة تتأكل ووقتها فقط اتحدث عما يحدث لابد أن أتحدث من الأن".
ومن مواقف اكتسبتها خلال مؤتمر المناخ في الإمارات لموقف مع سائق في شرم الشيخ في مصر حيث أقيم مؤتمر المناخ أيضَا، وعندها تأكدت من أهمية السردية ولكن هذه المرة على ضرورة أنها لابد أن تكون موجهه لكل الفئات وليس فقط لصناع القرار.
وذلك بسبب سؤال السائق "أوصلك فين؟" وقالت "مؤتمر تغير المناخ" رد السائق ببساطة" أه سمعت عنه بس هو أنتوا ليه عايزين تغيروا المناخ ما الجو كويس أهو".
كان هذا الموقف انعكاس ضروري أن كل الفئات لابد أن يكونوا جزء من الحوار أو السردية، لإنه عندما يعلم الجميع بكل التداعيات الممكنة، الحركة وقتها ستصبح أسهل.
بالرغم من أن الأخبار الإيجابية لا تشدّ انتباه المتابعين في معظم الأحوال كما تفعله القصص المثيرة، لكنّ مريم نجحت في قلب الأوضاع، وكما حولت توجهات الناس وتفضيلاتهم للبحث عن الأخبار الإيجابية وأصبحوا يساعدوها في نشر المحتوى، سيكونون أيضَا قادرين على خلق حلول لأي تداعيات تهددنا.
الأكثر شعبية
بين مفاهيم خاطئة وأنواع مهددة بالانقراض.. حياة أسماك القرش وتأثيرها على الوضع البيئي
تقدم منصة ذا كلايمت ترايب قصصًا حول التنوع والحفاظ عليه، والاقتصاد الدائري، والغذاء والماء و مدى ارتباطهم بالبيئة.
اشترك
احصل على أحدث القصص الملهمة للعمل المناخي حول العالم مباشرة في بريدك الوارد.