مشروب تراثي يقند الرأس وينعش الذكريات
لقاء مع فاطمة الموسوي لتحكي لنا عن مشروع " ينقد الرأس" الذي حفظ الإرث والذكريات
فاطمة الموسوي فتاة إماراتية نشأت في أسرة هاوية للشاي، كانت دائمًا دلة (وعاء) الشاي جاهز لاستقبال الضيوف
من الجد للأعمام في الستينات، وصولًا للوالد الذي كان يتفنن شهريًا بخلط أنواع متنوعة منها ويقوم بتوزيعها على بيوت الأهل والجيران، ليس على سبيل التجارة بل على سبيل الود والحب وإشباع الشغف.
فتقول فاطمة " كل العائلة تشرب الشاي، وكان لدينا العصر وقتًا أساسيًا في البيت وفقرة ثابتة، الوالد يرجع من الدوام، يجلس يتحاور معنا وعن أحوالنا، فكان هذا الوقت بمثابة (كواليتي تايم) وفي نفس الوقت نستمتع بشرب الشاي، وأنا كنت من الأطفال الذين لا ينجذبون في عمر صغير للألعاب، ولكن كانوا عندما ينادونني فاطمة تعالي أشربي شاي، كنت أسرع لشربه".
كبر هذا الحب في قلب فاطمة من سن صغير وخاصة وقت ذهابها مع والدها محلات الشاي، فكانت تختار أنواع معه وتعلمت أسرار دمج الشاي.
وتمر السنوات وتتعرض فاطمة لمرحلة صعبة بعد وفاة والدها، فعزمت على أن تحيي ذكراه، ولإنها هي الوحيدة التي كانت تمتلك سر خلطة أجدادها ولن تتعلم هذا السر في أي مكان لا في جامعة ولا مدرسة، فقررت أن تكون فاطمة صاحبة أول علامة تجارية إماراتية عربية تحمل اسم الشاي وأطلقت عليه "يقند الراس" مصطلح إماراتي قريب من والدها لأنه كان دايمًا يقول "الشاي قند راسي" بمعنى حسن مزاجي.
فتقول "هذا إرث ورثته يجب أن أحافظ عليه وأطوره، وخاصة وأن القهوة التفوا لها وطوروها على عكس الشاي برغم وجوده في كل مناسباتنا السعيدة، كلنا في الوطن العربي نشرب الشاي".
بدأت مشروع الشاي في السنة الجامعية الثانية، قررت أن تدمج بين مشروع الشاي ومشروع تخرجها عن البيئة والاستدامة حتى يكون له تأثير على المجتمع، بدلا من أن يكون مشروع ينفذ على الورق ويعرض لمدة ربع ساعة من أجل الحصول على درجات.
فقررت أن تحقق في المشروع شقان؛ الهوية العربية والاستدامة فتقول في البداية عن الهوية العربية الغرب طور الشاي بوضعه في أكواب شفافة تقدم بطابع غربي ما فيها أي روح عربية، أما نحن نعتمد كعرب على نكهات مثل الهيل والزعفران والورد كل هذه النكهات أدخلتها، وحتى في طريقة التقديم نقدمه مع كيكة التمر بأيدي شيف إماراتي ومعها الشابورة بالزعفران، كل هذه أشياء اعتدت أن أشربها أنا والوالد مع الشاي كما أنها وضعت خلطات والدها وعمها السرية لخلط الشاي، لتحيي ذكراهم وذكرياتهم معها.
أما عن الشق الخاص بالاستدامة فتقول "دراستي للاستدامة شغف مثل الشاي من وقت ما كان مصطلح الاستدامة
نفسه غريب على المسامع، ولأن الشاي ثاني مشروب عالميًا يشرب بعد المياه، فقررت أن أعمل على عملية تنفية المياه باستخدام نفايات الشاي".
وأكملت:" وذلك لإننا نعاني من أزمة تدوير النفايات بجانب أن تنقية المياه مشروع عالي في الجهد والتكلفة، فقررت أن أفكر في كل الدائرة الاقتصادية التي يمر بها الشاي، من وقت ما يكون ورقة على شجرة، أو وهو مقطوف في الأوقات الصحيحة، وخالي من المواد الكيمائية، ومشروب بالطريقة الصحيحة وصولًا باستغلال نفاياته، حتى العلبة التي يباع فيها قابلة لاعادة الاستخدام ويمكن ملؤها مرة أخرى".
فاطمة نجحت في مشروع التقنية باستخدام المخلفات بنسبة ۹۷% وحاليًا تعمل على تطويره لتطبيقه على أرض
الواقع، ومشروع أخر هو تحويل نفايات الشاي لسماد طبيعي والذي بإمكان كل البيوت أن تقوم به، وثالث مشروع هو تحويل الشاي لحبر طبيعي للتلوين وغير مؤذي للأطفال، كلها مشاريع تحت سلسلة طاقة الشاي.
فاطمة بنت أحمد وضعت صور جدها وعمها ووالدها ووضعت خلطاتهم ضمن المشروع، وصورة الشيخ زايد لأنه دائمًا يشرب شاي، حاولت أن تخرج بمشروع له قصة يعكس من هم عائلتها بذكرياتهم وليس من باب التجارة، وأرادت أن تقول بأن الشاي مشروب عائلي حنون وأن هي وعائلتها يستحقون لقب" بيت الشاي".
الأكثر شعبية
بين مفاهيم خاطئة وأنواع مهددة بالانقراض.. حياة أسماك القرش وتأثيرها على الوضع البيئي
تقدم منصة ذا كلايمت ترايب قصصًا حول التنوع والحفاظ عليه، والاقتصاد الدائري، والغذاء والماء و مدى ارتباطهم بالبيئة.
اشترك
احصل على أحدث القصص الملهمة للعمل المناخي حول العالم مباشرة في بريدك الوارد.