قادها الشغف لتعيد إحياء الملابس من جديد
فاطمة المغربي فنانة ليبية ساقها القدر لتكتشف شغفها في الموضة المستدامة
لم يكن لديها بداية محددة لعلاقتها بالفنون والأزياء، تتذكر فقط أيام طفولتها وهي ترسم وتصنع مجلدات صغيرة وتصمم الأزياء على ورق، وعندما كبرت وجدت علاقة قوية تربطها بالمجال الإبداعي وخاصة الأزياء، واكتشفت أن الملابس من أكثر الأشياء التي يقدر الإنسان يعبر بها عن نفسه بدون أن يتكلم، ويتواصل من خلالها ويظهر فيها شخصيه وثقافته، ولكن في بنغازي المدينة التي ولدت فيها الفنانة الليبية فاطمة المغربي لم يكن هناك أي مدارس للموضة، لذلك حاولت أن تطور من نفسها بكل الموارد المحدودة، ولكنها وجدت أن هذا ليس كافي فقررت أن تكون دراستها الأساسية، فعزمت على الذهاب للقاهرة وهناك درست تصميم الأزياء.
عندما درست وتعمقت في المشهد الفني المصري تعرفت أكثر عن ما يسمى بـ" الموضة المستدامة" وإعادة تدوير الملابس مما زادها فضول لتعرف المزيد عن هذا المجال فحضرت الكثير من الجلسات وتعرفت على مصطلحات لم تكن مألوفة بالنسبة لها مثل الموضة الخضراء والموضة الدائرية ومخاطر الموضة السريعة وفوائد إعادة تدوير الملابس، ولم تكن الدراسة بحسب التي علقت الفنانة الليبية فاطمة المغربي بإعادة التدوير بل "أسواق البالة" في مصر فتحكي " أغرمت بفكرة أن أغوص في آلاف القطع الموجودة، واستخرج منها قطع مميزة لا يوجد منها اثنين، أصبحت مهووسة بالبالة وإلى الأن، شعور أن أجلس ساعات في السوق وأعود بقطع نادرة في نهاية اليوم شعور لا يوصف، أصبحوا كالتحف الفنية بالنسبة لي ولهن عندي مكانة خاصة على عكس القطع التي أحصل عليها من المحلات الملابس السريعة بسبب إنني لم اتعب في الحصول عليهن ويوجد مثلهن الكثير".
شغف فاطمة بالأزياء وفضولها بالموضة المستدامة وغرامها بأسواق البالة دفعها بعد عودتها لبلدها ليبيا إلى إنشاء مشروع دبش لإعادة تدوير الملابس وتحويلها لقطع فنية.
فتقول" دراستي للموضوع أعطاني وجهة نظر مختلفة عن المجال وأنه بالفعل نحن كمستهلكين لدينا مسؤولية كبيرة في كمية الملابس التي نشتريها بشكل كبير والنفايات التي نساهم فيها، وألهمتني هذه القضية أن اتبنى الاستدامة في صناعة الأزياء في مشروع دبش، وأحاول أن أساهم في ترسيخ مفهوم الأزياء الخضراء في الفنون والموضة، حيث لا يمكن لشيء جميل مثل الفنون والأزياء التي تساعد في استمرارية إحياء الكثير من البشر أن تكون ايضا سبب تدميرها وتلوث بيئتنا".
وسبب آخر شجعها للإقدام على هذا المشروع متعلق ببلدها ولا يقل أهمية عن شغفها الذي بدأ في القاهرة فتقول "رغم عدم وجود مشاريع مشابهة في ليبيا كان مجازفة، ولكن ما دفعني أكثر هو أن في كل بيت ليبي هناك على الاقل شنطة مليئة بالملابس القديمة و إذا قرروا أن يرموها لن يجدوا إلا مكب النفايات. فثقافة إعادة التدوير بصفة عامة هي ثقافة شبه معدومة وبشكل خاص في الأنسجة فلا يوجد مساحات أو أماكن متخصصة في هذا المجال سواء لإعادة التدوير أو لبيع وشراء الملابس القديمة أو المستعملة مما يشكل مشكلة".
فأتى مشروع دبش ليصبح وجهة فيما يخص هذا المجال من إعادة تدوير وترسيخ هذه الثقافة في لبيبيا كما يوفر محتوى تعليمي وورش عمل لتعليم المجتمع المهارات وكيف يستطيعوا تحويل ملابسهم القديمة لقطع جديدة وبيعها والاستفادة منها، ونقل مفهوم وثقافة استهلاك الملابس وتصميم الأزياء إلى مستوى آخر في ليبيا، مع أخذ بعين الاعتبار أنه سيتطلب مجهود أكبر لتقبل المجتمع لفكرة إلى حد ما جديدة وغريبة كما وضحت.
تعمل فاطمة هي وفريقها المكون من أربعة أشخاص، على جمع الملابس القديمة ومن ثم فحصها وتنظيفها بعناية. بعد ذلك، يقوم الفريق بتحويل هذه الملابس بطرق مختلفة مثل التطريز، إعادة تصميم القطعة، أو الرسم عليها لتحويلها إلى قطع جديدة وفريدة، وإعطائها حياة جديدة وإطالة عمرها من خلال إعادة تصميمها بطرق مختلفة وتقليل حجم النفايات بطرق مبتكرة، مما يعزز ثقافة الاستدامة في ليبيا.
أما عن اسم المشروع “دبش” الملفت للنظر فهو مصطلح مأخوذ من اللهجة الليبية، ويعني الملابس أو الأشياء، وقد تم اختيار هذا الاسم حيث يرمز إلى الثقافة والتراث الليبي، ويعكس الهوية المحلية للمشروع، ويحمل معاني إضافية مرتبطة بالمفهوم العام لإعادة التدوير والاستدامة.
شغف فاطمة في الأزياء دفعها للسفر للقاهرة وقادها لشغف آخر مرتبط بالبالة والموضة المستدامة ولمسها لمشكلة النفايات في ليبيا جعل كل قطعة معاد تدويرها في دبش تتميز بتفرد تصميمها وقصتها.
الأكثر شعبية
بين مفاهيم خاطئة وأنواع مهددة بالانقراض.. حياة أسماك القرش وتأثيرها على الوضع البيئي
تقدم منصة ذا كلايمت ترايب قصصًا حول التنوع والحفاظ عليه، والاقتصاد الدائري، والغذاء والماء و مدى ارتباطهم بالبيئة.
اشترك
احصل على أحدث القصص الملهمة للعمل المناخي حول العالم مباشرة في بريدك الوارد.