حملت على عاتقها رسائل أرادت توصيلها بطريقتها الخاصة

تجذبك من اللحظة الأولى وهي تحكي لك عن مواقف يومية تتعرض لها وتتصرف فيها بدون وعي، تحكي عن الصحة والاستدامة واللذاذة يوم نتناول طعام خالي من المواد الكيميائية وعن اضطراب ما بعد الصدمة بسبب التغيير المناخي، وعن كيفية صنع كوب قهوة مستدام، وإلى أين يذهب طعامنا بعد العزومات والولائم، وعن مستحضرات التجميل التي تنهش في البيئة وعن الحرف المستدامة، وتخبرك أين اختفت الأشجار وزعانف القرش والأنهار وعلى أي شاكلة تكون العيدية المستدامة.

 وغيرها من المحتوى المفيد الذي تقدمه أول صانعة محتوى إماراتية مختصة بالاستدامة المهندسة عذاري السركال، والسبب وراء ذلك بالنسبة لها هو الشيخ زايد -رحمه الله- فهو رجل البيئة الأول بالنسبة لها ومثلها الأعلى لذلك حاولت أن تصبح هي الأخرى سفيرة وصوت للبيئة.

 والسبب الثاني جدتها مع بداية تكون صورتها الكاملة عن الحياة، تراكم لديها الشغف عبر سنوات بيت جدتها التي نشأت فيه وقت كانت تسمي كل نبتة باسم أحد أحفادها؛ لتحفزهم على متابعة نموها حتى تكبر، وتصبح كل شجرة أطول منهم، شهدت في منزلها اهتمامها بكل نخلة وشجرة ونبتة وحرصها الشديد على تثقيف أحفادها بترسيخ أهمية الأرض والمساحات الخضراء وارتباطهم الإنساني بها، وامتد حتى هذا اليوم الذي أرادت أن تثبت فيه حبها للبيئة وقضاياها.

فهذه الدوافع خلقت ببساطة قصة عذاري وقرارها لصناعة محتوى خاص بالبيئة والاستدامة فكما توضح أنها رغبة داخلية ملحة في التعبير عن البيئة وإيصال رسائلها المختلفة وصوتها إلى الجميع، لذلك وجدت بأن صناعة المحتوى على مواقع التواصل الاجتماعي تؤدي هذه الرسالة، بالإضافة إلى كل جهد أخر أوعمل تطوعي تشارك فيه فهو ليس إلا امتدادا لهذه الرسالة.

 فكانت تدرس الباحثة وخبيرة الاستدامة عذاري وتقوم البحث والإطلاع وساعدها في ذلك تخصصها في مجال الهندسة في تعلم الطرق والإبداع في تناول الأفكار، نمت مهاراتها لفهم مجال الاستدامة، والبحث عن أفضل طرق الاستفادة من البيئة وبعد ذلك تطبق من خلال صناعة المحتوى.

 ولم تكتفي فقط بأن تقدم المحتوى ولكن  الأساس لديها هو تحري الدقة في المعلومات التي تقدمها إلى المتابعين، تبحث بالأيام عن المواضيع وتجلس ساعات أخرى في قراءة وترجمة بعض الأوراق البحثية قبل بلورتها إلى محتوى رقمي  من منطلق الأمانة العلمية.

 فتقول "أسلط الضوء على المواضيع ذات الأهمية العالية التي لا أحد يتحدث عنها ويقدمها إلى المجتمع، أو تلك المواضيع التي يتم تقديمها بشكل معقد ومتكلف لا يمكن للناس استيعابه وتداوله، بالإضافة إلى تقديم ما يريده المتابعين ويلامس احتياجاتهم اليومية، وبالنسبة إلى الدقة والموضوعية التفت بشكل خاص إلى المصادر الموثوقة والخبراء في المجال لكي أتحرى في المحتوى المنشور".

 ولكن كيف تحول عذاري مواضيع يقال عليها "مملة ومعقدة" لمواضيع شيقة؟ فتقول " ببساطة من خلال القصة.. أرى أن العقل البشري يستطيع تقبل أي محتوى عندما يتم تقديمه على هيئة قصة، مهما كانت درجة غرابته أو تعقيده تحديدًا في الجانب البيئي، والأجمل حين تكون قصة قصيرة جدا يستمتع بها حتى الكبار ولا تتجاوز الدقيقة إلى الدقيقتين، هذه هي الطريقة المفيدة التي ساعدتني في جعل محتواي أكثر متعة، فالسر هو طريقة الطرح، وإخراج المحتوى إلى العالم".

 وبسبب طريقة الطرح ردود فعل الجمهور دائمًا ما كانت تأتي إيجابية وغير متوقعة فتحكي عذاري إحدى المواقف وتقول "ذات يوم أخبرتني معلمة بأنها تقدم محتواي البيئي إلى طلابها في المدرسة كنوع من الإثراء وتعزيز الوعي البيئي لدى الطلبة، من خلال عرض مجموعة من المعلومات البيئية، سعدت كثيرًا عندما علمت بذلك، مما جعلني متحمسة لتقديم المزيد من أجل الوصول لكافة أصناف المجتمع، فردود فعل جمهوري هي مرساي الذي أستريح فيه بعد كل رحلة في بحر البيئة والاستدامة".

  عذاري لم تنجح فقط في تسليط الضوء على الكثير من القضايا المرتبطة بالتغيرات المناخية وتأثيرها، ولكن نالت درجة الماجستير في الإدارة الهندسية بتقدير امتياز في جامعة أبوظبي، وهي خريجة برنامج (رائدات) للاستدامة والبيئة والطاقة المتجددة وعضو مجلس الشباب العربي للتغير المناخي، تم اختيارها كسفيرة للعمل المناخي ضمن برنامج سفراء العمل المناخي ومؤثري التواصل الاجتماعي، واختيرت ضمن فئة القيادات النسائية قائمة الملهمين، وباعتبارها قصة ملهمة تُروى للشباب.

 فكانت عذاري السركال مزيج بين زوجة وأم ومهندسة وصانعة محتوى وكما تقول "مواطنة إماراتية الدم والطموح.. دون استمرارية ودعم لهذا الشغف لم تكن عذاري اليوم" وكما كانت هي قصة ملهمة قررت أن تحول علمها في البيئة لقصص مسلية وممتعة يقدر الناس على متابعتها.