البلاستيك والمناخ: ناشط أوغندي ينتصر للبيئة
لقاء نكتشف فيه التحديات التي تواجه أفريقيا مع الناشط البيئي نيريري صدراتش مؤسس مشروع إنهاء التلوث البلاستيكي ومشروع كولكت
يجب على قادتنا الاستماع إلى أصوات المجتمعات المتضررة وإعطاء الأولوية للاستثمار في الحلول والتوقف عن إطلاق المزيد من الوعود الزائفة فالعمل هو ما نحتاجه الآن
في طفولته كان شاهدا علي واقعة غيرت حياته للأبد.. هناك من قلب الريف الأفريقي وتحديدا أوغندا بدأت مغامرة بطل قصتنا نيريري صدارتش حيث كانت عائلته تمتلك أرضا زراعية بمساحة شاسعة تزرعها بمجموعة متنوعة من المحاصيل الزراعية بجانب تربية الماشية في الأدغال التي كان يستمتع بها الطفل نيريري.
هكذا عاشت عائلة أوغندية ميسور الحال لسنوات طويلة، حياة مستقرة بهذا النمط السعيد لتأتي أثار التغير المناخي لتعصف بحياتهم وتغيرها تماما وتغير معها حياة الطفل الصغير الذي شهد المعاناة ليكبر وهو مصمم علي تحويل تلك المحنة إلي منحة.
كانت المأساه تأتي رويدا، فمع مرور الأيام والسنين تحولت زراعة العديد من المحاصيل في أراضي عائلة نيريري إلي شيء يشبه المستحيل بسبب موسم الجفاف الطويل الذي أصبح يضرب البلاد من عام إلي أخر بشكل أكثر ضراوة، وهو الجفاف الذي يعقبه تساقط غزير للأمطار وعواصف وأحيانا فيضانات وانهيارات أرضية توقع أضرار جسيمة في الممتلكات مما دفعهم للرحيل عن قريتهم إلي المدينة في نهاية المطاف.
تلك الواقعة البارزة في حياة نيريري دفعته للتفكير في حياته العملية ومستقبله المرتبط بمستقبل مجتمعه الصغير خصوصا بعد أن صدم بحياته الجديدة التي واجه فيها مصاعب لم يعتدها مع أسرته تمثلت في موقف لم يمحى أبدا من ذاكرته عندما لم يستطع دفع رسومه الدراسية في الوقت المحدد بسبب تراجع دخلهم مما دفعهم في النهاية للرحيل عن قريته التي أحبها وعاش فيها طفولته.
هذا الموقف وعلى الرغم من حقيقة أنه سلب منه حياته في قريته التي يحبها إلا أنه أثرعليه من جانب أخر بشكل إيجابي بعد أن فتح له ولأسرته العديد من الفرص لمساعدة مجتمعه على التكيف مع تغير المناخ وهنا جاء بفكرة مشروعه "كولكت" للوصول لمجتمع "صفر نفايات" كما يصفه عن طريق إعادة تدويرالنفايات البلاستيكية والقضاء علي التلوث الذي تسببه للبيئة ونشر التوعية بمخاطره وهي التوعية التي ستشمل المجتمعات المحلية في أفريقيا بالإضافة للشركات ومؤسسات الدولة.
بدأ نيريري في بناء مشروعه "كوليكت" وفوجيء بأبناء المنطقة المحيطة بمقر عمله يبدون اهتمامًا كبيرًا ورغبة في أن يكونوا جزءا منه وهو ما أكد له مدى التأثير الذي سيحدثه هذا المشروع على المجتمعات المحلية في أوغندا وهو التأثير الذي سيكون بمثابة الدافع للمضي قدمًا في عمله نحو مجتمع خالي من النفايات البلاستيكية, وشاهد بعينه كيف كل ما يقوم به يستحق العناء بسبب ذلك التأثير الذي يلمسه بنفسه على حياة الناس من حوله وهو ما أعطاه الدافع وشجعه لمواصلة الاستثمار فيه والتوسع ليشمل العديد من المجتمعات المحلية الأخرى في أوغندا عن طريق مبادرة "صفر نفايات" التي أطلقتها مؤسسته "كولكت" للتوعية ودعم العمل في تدوير النفايات البلاستيكية.
يسترسل نيريري في الشرح لنا عن أهداف مؤسسته "كولكت" بالقول أنه لكي نتمكن من التخلص من المواد البلاستيكية في أفريقيا يجب أن يكون هناك خفض للإنتاج أولا من جانب المصنعين يعقب ذلك إعادة تصميم تلك المنتجات مع مراعاة أولويات مثل دعم بدائل إعادة الاستخدام والاستثمار في استراتيجيات التخلص من النفايات وهو أمرًا مهمًا لبناء أفريقيا خالية من البلاستيك.
أما عن الصعوبات التي واجهها فحدث ولا حرج فهو يواجه بشكل مستمر صعوبة في إقناع المنتجين أن المشكلة الرئيسية تكمن أنهم يدفعون الناس إلى الاستهلاك بشكل لا يمكن السيطرة عليه مشيرا أنه من المهم أن يفهم صانعو الألعاب البلاستيكية تلك أن الأطفال علي سبيل المثال ليس لديهم الرؤية النقدية ولا القدرة على فهم الطبيعة الخفية وراء الإعلانات عن تلك المنتجات وكيف حولتهم تلك الإعلانات إلى مستهلكين صغار.
يقول بطل قصتنا أنه كان يملك في مخيلته تصورا كاملا لما يفعله حاليا وأنه كان يتوقع خطواته تمام بل ويتوقع المزيد من التقدم فيما يقوم به من جهود في المستقبل، لقد كان حلمه دائما أن يكون أحد هؤلاء الأشخاص الذين يستثمرون بمشاريع تنموية التي تحدث تغيير في المجتمعات المحلية, وأشار إلي سعادته أن يرى الآن ما وصل إليه وما سيصل إليه مستقبلا والأنشطة والأشخاص والمشروع الذي استثمر فيه خلال السنوات الثلاث الماضية من عمله.
من المعروف أن أوغندا تتميز بواحدة من أكثر المجتمعات السكانية شبابًا في أفريقيا لكنها في الوقت نفسه لا تتمتع بالمرونة الكافية للتعامل مع أزمة المناخ وتعجز عن الاستثمار في الحلول المناخية لعدة أسباب, ومن هنا أستمد نيريري إلهامه بعد أن شعر بمسؤلية تقع عليه كشاب ينتمي لمجتمعه وبلاده ومعاناتهم وكان الدافع الرئيسي له لخلق محركات للحلول التي نعتبرها قابلة للتطبيق علي أرض الواقع.
مبادرة إنهاء التلوث البلاستيكي تدور حول التقاطع الطبيعي بين حياة الناس والبيئة والاقتصاد مع التركيز على قضية التلوث بسبب النفايات البلاستيكية وتغير المناخ.
يشعر نيريري أن المناقشات حول تغير المناخ بشكل عام تقتصر فقط على حماية مصالح جزء بعينه من العالم وهو الشمال وتفضيله علي الدول الفقيرة مصل أوغندا بينما الشمال وليس الجنوب هو الجاني الحقيقي في أزمة المناخ والمتسبب بها وبكل هذا الدمار الذي نعيشه بحسب وصفه.
نيريري أشار إلي تقويض مطالب سكان جنوب العالم وهنا يؤكد أنه من الأهمية بمكان معالجة أزمة المناخ بمسؤولية مشتركة بين الجميع وإنشاء منصة لفهم المحنة التي تعيشها المجتمعات المتضررة من الأزمة.
لفترة طويلة جدًا كان الاعتماد على البلاستيك عنصرًا مفيدًا للمجتمعات النامية وقد تم فرض ذلك المفهوم من خلال جهود تنمية أفريقيا مع تعمد لحجب الحقيقة حول الصلة بين مشاكل التغير المناخي والإنتاج والتجارة وإدارة الموارد للحفاظ على البيئة.
ويشير نيريري أن العالم في حاجة إلى معاهدة قوية بشأن المواد البلاستيكية والتي ستمكننا جميعا كبشر من معالجة المشكلة من المصدر وهي المعاهدة التي يجب أن تعترف بشكل واضح بالتقاطع بين مشكلة البلاستيك وتغير المناخ, كما يجب أن تلزم تلك المعاهدة العالمية ليس فقط بمحاسبة الشركات بل أيضًا البلدان وتشير إلي مسئوليتها عن نفاياتها واستخدامها والتخلص منها.
"يجب على قادتنا الاستماع إلى أصوات المجتمعات المتضررة وإعطاء الأولوية للاستثمار في الحلول والتوقف عن إطلاق المزيد من الوعود الزائفة فالعمل هو ما نحتاجه الآن" هكذا ختم نيريري حديثه معنا.
الأكثر شعبية
بين مفاهيم خاطئة وأنواع مهددة بالانقراض.. حياة أسماك القرش وتأثيرها على الوضع البيئي
تقدم منصة ذا كلايمت ترايب قصصًا حول التنوع والحفاظ عليه، والاقتصاد الدائري، والغذاء والماء و مدى ارتباطهم بالبيئة.
اشترك
احصل على أحدث القصص الملهمة للعمل المناخي حول العالم مباشرة في بريدك الوارد.