عندما أدرك أن حقوق الإنسان مرتبطة بالقضايا البيئية راح ينشرها للعالم كله
لقاء مع الناشط البيئي الشاب عادل عزوني الذي أدرك أعطى الأمل في التغيير ومعالجة قضايا المناخ
ولد على ضفاف البحر الأبیض المتوسط في بلدة ساحلیة على مشارف مدینة الزھراء جنوب العاصمة، تقع بین خلیج تونس وجبل بوڤرنین، علمته جدته أھمیة البقاء على اتصال بالأرض، فكان خلال طفولته يمشي حافي القدمین في عشب حدیقتھا ويتجول في الأرض وسط الطبيعة والخضرة، ھذه الاتصالات الأولى البسيطة مع الطبیعة جعلته وبدون أن يشعر أقرب إلى ھذا النظام البیئي الدینامیكي وجمیع مكوناته وجزء منه، وبهذه الذكريات التي يتذكرها الناشط البيئي التونسي عادل عزوني كانت بداية قصة حب بينه وبين الأرض والبيئة بأكملها.
وبمرور الوقت بدأ الشغف يكبر والاهتمام والفضول يتزايد، ففي سنة ٢٠١٢ أثناء دروس العلوم في الثانوية أثاره فضوله حول الأرض وبیئتھا، مما دفعه لاحقًا لاستكشاف كوكبنا وبنیته وتطوره، ليختصص في مجال يعتمد مبادئه على حل المشاكل البيئية "الجيولوجيا البيئية"ومن بعدها يسعى لنيل أعلى الشهادات العلمية ويصل لدرجة الدكتوراه والماجيستير، فيحكي لنا عادل "عشت رحلة متعددة التخصصات جعلتني أدرك بعد ١٠ سنوات أن حقوق الإنسان مرتبطة تمامًا بالقضایا البیئیة وتغیر المناخ".
هذه الجملة استوقفتنا حيث أن ظاهرة التغيرات المناحية، وما ينتج عنها من آثار مدمرة، كارتفاع درجات الحرارة على كوكب الأرض، والفيضانات، والتصحر، وشح المياه، والظواهر الجوية المتطرفة، وفقدان التنوع البيولوجي، فجميعها آثار وظواهر لا تهدد فقط بتغير البيئة والمناخ للحياة البشرية، بل تهدد بقاء الجنس البشري نفسه على كامل الكرة الأرضية دون تمييز، وتهدد كافة الحقوق الأساسية للإنسان: بدءًا من الحق في الحياة، والحق في الغذاء والحق في الصحة، والحق في العمل، والحق في السكن، والحق في الأمن بما تسببه من هجرة ونزوح.
فهي كارثة تشمل كافة البشر دون تمييز، لا تصيب الذين صنعوها فقط، بل تعم البشرية على نحو يتناقض مع كل مبادئ العدل والإنسانية.
وهذا لمسه عادل أثناء استكشافاته في جمیع أنحاء الأراضي التونسیة على الواقع فيقول:" حیث ساعدتني زیاراتي لقرقنة، صفاقس،ڤابس، الھویدایة، جربة وغار الملح على فھم مختلف القضایا البیئیة والمناخیة التي تواجھھا تونس، كما جعلتني الاجتماعات مع السكان المحلیین أدرك أن ھذه القضایا تساھم في المشاكل الاقتصادیة والاجتماعیة مما يهدد الآن الحق في الحياة".
شغف عادل بعلوم الأرض دافعه للمواصلة في البحث العلمي، من خلال كتابة أطروحة في الجیولوجیا التطبیقیة على البیئة ووضع تونس الحالي، ولكنه وللحظة أدرك أن البحث وحده لا یكفي لوقف أزمة المناخ ولا حماية حقوق الإنسان بل يحتاج إلى تشريعًا وتعبئة جمیع أصحاب المصلحة، والأهم من هذا الوعي لأن الأزمة كما قال تضرب بشكل متزاید مواردنا الطبیعیة، وتتجه نحو التدمیر الكامل للطبیعة.
ليختار عادل عزوني أن يسلك بعدها مسيرة نحو المشاركة في مبادرات ملموسة لحمایة الطبیعة، مثل مشاركته في مجموعة إرثنا في سنة ٢٠٢١ التي تتكون من ٨ شباب من جمعیات ومناطق مختلفة، ويبدأ بعدها سنة ٢٠٢٢ في تجربة مھمة مع رادیو میسك كمذيع ورئیس تحریر لبرنامج حول القضایا البیئیة، برنامج جمع الباحثین وصناع القرار والمواطنین وكان بمثابة صوت مسموع.
ومشاركة أخرى متعلقة بالحق الإنساني في الغذاء كانت من خلال تعیینه سفیراً للشباب في"AfriFOODlinks" التي تتكون من ثلاث كلمات مھمة "أفریقیا، طعام وروابط" وھو برنامج یھدف إلى خلق روابط وتبادل المعرفة حول النظم الغذائیة الحضریة بین ٢٦ دولة أفریقیة بنیھا تونس، وتكمن أهمية هذه المشاركة كما يقول "لأن أزمة المناخ تضرب بشدة موارد الأراضي والمیاه وتقضي على النمو الزراعي مما سیؤثر بشكل مباشر على أمننا الغذائي، نحن الیوم بحاجة ماسة إلى التكیف وبناء مدن أكثر مرونة واستدامة من خلال التحول الغذائي الصحي والمستدام".
وهذا ما سيفعله في هذا المشروع، سيحاول الترویج للأنظمة الغذائیة المستدامة في تونس، والمساعدة في رفع مستوى الوعي حول تعزیز الممارسات المستدامة.
من الصدف التي حكى عنها عادل أن النساء كانت من المؤثرات بطريقة كبیرة في حیاته الشخصیة والمھنیة وفي توطيد العلاقة بين قضايا المناخ وحقوق الإنسان، جدته وحديقتها ووالدته التي تعلم منها الكثیر، ولینا بن مھني، ھذه السیدة الشجاعة التي غذت في داخله شعور المواطنة، أیقونة نقلت له شعلة العمل من أجل كافة القضایا الإنسانیة العالمیة، ونوال بزید التي آمنت به ومنحته فرصة بالعمل في الرادیو ليمكن من إيصال قضايا البيئة، وبشرى بالحاج حمیدة الحقوقية والمحامية التي كانت بمثابة بوصلته الإنسانية، وصابرین ڤوبنطیني وانتصار حفصي الحافز والمؤطر في العديد من مشاريعه.
جميهعم مع الحب الأبدي لبلد مازال يجده رائعًا رغم كل شيء، أعطاه الأمل وجعله يأخذ عهد على نفسه عهد بأن يكون ملتزمًا بالقضايا الإنسانية العادلة، والمجتمعات الضعيفة، وحقوق الإنسان ويتم اختياره ضمن الشباب الخمسة العرب الذین یعطون أملا في التغییر ومعالجة قضایا المناخ، ليستمر عزوني في المحاربة منذ سار حافي القدمين في الحديقة ومنذ أن أدرك أنها قضية إنسانية، يحارب سواء بدراسته أو بالمبادرات ونشر الوعي.
الأكثر شعبية
بين مفاهيم خاطئة وأنواع مهددة بالانقراض.. حياة أسماك القرش وتأثيرها على الوضع البيئي
تقدم منصة ذا كلايمت ترايب قصصًا حول التنوع والحفاظ عليه، والاقتصاد الدائري، والغذاء والماء و مدى ارتباطهم بالبيئة.
اشترك
احصل على أحدث القصص الملهمة للعمل المناخي حول العالم مباشرة في بريدك الوارد.