الإنذار المبكر للكوارث الطبيعية.. كيف يمكن أن ينقذ حياة؟
نظام صحي تم تأسيسه لإنقاذ حياة وتخفيف معاناة المتضررين من الكوارث الطبيعية والحروب.. كيف يمكن لنظام الإنذار المبكر إنقاذ حياة؟ وكيف يعمل ذلك النظام؟ حاورنا باول كلارك، عضو الهيئة الطبية الدولية، وروى لنا قصص من دول متعددة.
القصص الإنسانية ملهمة دومًا.. خاصًة إذا أتيحت لك الفرصة بتغيير قصة مأساوية إلى مسار آخر من الأمل، فتخيل أن يكون لك دور مهم ومؤثر في حياة أشخاص عانوا في ظروف صعبة وقاسية، فتنقذ حياتهم بنظام تم استحداثه من خلال منظمة طبية دولية تولي كل اهتمامها لإنقاذ حياة وتخفيف معاناة.
هذا النظام يسمى بنظام الإنذار المبكر، ولنتعرف عليه أكثر، حاورنا باول كلارك، عضو الهيئة الطبية الدولية، وهي منظمة غير ربحية عالمية تكرس جهودها لإنقاذ الأرواح وتخفيف المعاناة من خلال التدريب والرعاية الصحية، وتم إنشاء الهيئة في 1948 من قبل أطباء وممرضين متطوعين.
وأثناء حديثنا مع باول، عرف نفسه في البداية قائلًا: "أنا بريطاني وأيرلندي الجنسية وأعيش في المملكة المتحدة ولدي عائلة من طفلين كبيرين، قضيت حياتي المهنية بأكملها في العمل الإنساني، أعني بذلك العمل الذي يتم عادةً في البلدان التي تشهد حروبًا أو لجوءًا أو نزوحًا، وتقديم الطعام والمأوى للأشخاص الذين يعانون من حاجة ماسة، والتي للأسف تشكل جزءًا كبيرًا جدًا من البشرية وتتزايد كل عام، ولسنوات عديدة، كنت مشاركًا في إنشاء أنظمة الإنذار المبكر وهي عبارة عن طريقة لمعرفة ما إذا كان هناك مجاعة في ثلاثة أو أربعة أشهر قادمة، قمت بذلك في العديد من البلدان مثل أفغانستان وجنوب السودان ومثل تلك البيئات.
وفي حوارنا مع باول، أتيحت لنا الفرصة للتعرف على قصص من أنحاء مختلفة من العالم، ملهمة ومؤثرة ومن قلب الواقع، مثل القصة التالية التي كانت سببًا في إلهامنا بالمقال ومناقشة واحدة من أهم القضايا الإنسانية المتعلقة بالأزمات الناتجة عن تغير المناخ.
واحدة من أعضاء الهيئة الطبية الدولية تروي: "باعتباري مسؤول اتصالات في الهيئة الطبية الدولية في باكستان، أتيحت لي الفرصة مؤخراً لزيارة المجتمعات المتضررة من الفيضانات في إقليم السند، في واحدة من المناطق الأكثر تضرراً من الفيضانات الموسمية في العام الماضي. التقيت بالناس واستمعت إلى تجاربهم ورأيت كيف تساعدهم فرقنا الطبية المتنقلة على التعامل مع المشكلات الصحية الجديدة والمستمرة. وعندما وصلت إلى الفريق الطبي المتنقل التابع للهيئة الطبية الدولية هناك، كانت إحدى أطبائنا، الدكتورة تريشنا، تفحص المرضى المتجمعين حولها في حشود".
"أعط ابنك موزة وملح معالجة الجفاف عن طريق الفم في ماء نظيف .. سوف يساعده في علاج الإسهال". . قالتها الدكتورة تريشنا لباثاني، لامرأة أحضرت ابنها سجاد البالغ من العمر ثلاث سنوات، إلى العيادة المتنقلة.
باثاني تعيش في قرية من الخيام مع زوجها وأطفالها الثلاثة لأكثر من أربعة أشهر. لقد عادت إلى مسقط رأسها، حيث تواجه هي وعائلتها -إلى جانب العديد من العائدين الآخرين- مشاكل جديدة مع مرور كل يوم. عندما اتصلت باثاني للحديث عن تجربتها مع فريقنا الطبي المتنقل، أخبرتني كيف دمرت الفيضانات حياتها.
توضح باثاني ما روته لها السيدة: "كان منزلنا مصنوعًا من الطوب، لكن هذا الطوب لم يتمكن من إنقاذ ممتلكاتنا. لقد فقدنا اثنين من الماعز بسبب الفيضانات. كانت لدي حديقة بجوار مطبخي حيث كنت أزرع الخضروات. كانت هناك بطاطس وبصل وفلفل حار أخضر وطماطم في الحديقة، وقد جرفتها مياه الفيضانات. لقد غمر محصولنا القطني الواقف أمام أعيننا. كل ما أمكننا فعله هو أن نحضر بعض الملابس ونهرب من القرية لإنقاذ حياتنا”.
وتكمل حديثها: "هذه هي المرة الأولى التي أتلقى فيها أي مساعدة طبية منذ أن ضربت الفيضانات المنطقة إن الهيئة الطبية الدولية هي الوحيدة التي وصلت إلى هذه المنطقة وساعدتنا في هذه الأوقات الصعبة.
على الرغم من مرور عدة أشهر منذ حالة الطوارئ المتعلقة بالفيضانات، إلا أن المنطقة لا تزال مغمورة بمياه الفيضانات. ويقيم الكثير من الناس في قرى الخيام على جانب الطريق، والتي تقع على أرض مرتفعة، في حين يواجه أولئك الذين عادوا إلى مسقط رأسهم تحديات متعددة، بما في ذلك نقص الرعاية الصحية، وانعدام الأمن الغذائي، وغياب مياه الشرب الآمنة".
كانت الفكرة أنه إذا كنا نعلم مسبقًا أن الناس قد يحتاجون إلى الطعام، يمكننا تجهيز الطعام وإعداد كل شيء للتجاوب بسرعة كبير.
هذا العمل من المفترض أن يكون بالتعاون مع الحكومة، لكن في بعض هذه الأماكن يكون ذلك صعبًا جدًا لأن الحكومة قد لا تكون في كل أنحاء البلاد.
أما عن نظام الإنذار المبكر، والقصص التي يتذكرها باول وكيف يمكن لهذا النظام إنقاذ الناس، روى باول: "أتذكر، أن أفضل ما يمكنك رؤيته، أفضل نتيجة يمكن أن تحققها مثل هذا النظام هو التحذير المبكر، أفضل نتيجة يمكن أن تحصل عليها هي ألا يلاحظ الناس ذلك حقًا، ويأتي ذلك إذا قمت بإعداد الأمور بشكل جيد مسبقًا وعرف الناس بما فيه الكفاية مقدمًا، بدلاً من أن يكون الأمر حالة هلع كبيرة جدًا من هول المفاجأة، على سبيل المثال، جنوب السودان، عندما كنا نعمل مع المجتمعات الزراعية الرعوية، كانوا يزرعون المحاصيل، وتجد أيضًا بالطبع أن هؤلاء المجتمعات ملمون جدًا، لدرجة إنهم إنهم يعيشون حياة الخبراء، تلك الأماكن التي قضيت فيها معظم حياتي في العمل مع هؤلاء الأشخاص الذين هم خبراء في العيش مع الجفاف، والغريب أنهم يمتلكون خبرة لا تصدق في العيش مع الفيضانات أيضًا.
في هذه المجتمعات هناك العديد من الطرق التي أعتاد عليها السكان، ستجد أن هناك الكثير من الخبرة في أنظمة الإنذار المبكر، حيث يستخدم الناس حركة الطيور، على سبيل المثال، أو النحل، لكن المشكلة مزدوجة بالنسبة للمناخ، أولًا، الاحتياجات أعلى بكثير، وهي أعلى بكثير من توقعاتنا، لذلك يصعب علينا أن نتخيل وضعية اليأس التي يعيشها أبوين لا يستطيعان تغذية أطفالهم، بل لا يوجد طعام بشكل عام، أو حتى إذا مرضوا فلا يوجد طبيب أو منشأة طبية يلجأون إليها، إنه مكان مروع للعيش، وهذا ما تحاول تلك المنظمات تقديم المساعدة فيه ولكن المشكلة المزدوجة التي تواجهها هي الحاجة المتزايدة، يحتاج ما يقرب من ٤٥٠ مليون شخص إلى المساعدة الإنسانية في هذا العام، بجانب مشكلة أخرى وهي غياب العدالة في توصيل المساعدات الطبية والإنسانية، فهناك العديد من المجتمعات المتضررة التي لا نستطيع الوصول إليها، فبالتالي هناك عدد كبير من المتضررين ليس لديهم الوعي الكافي للتعامل مع تلك الأزمات.
في الوقت الحالي، طريقة تمويل التغير المناخي، أي المبالغ المالية التي تدفعها الدول الغنية والدول الملوثة إلى العالم، لا تصل إلى الدول التي تعاني من الصراع والعنف، الدول التي تكون في قاع الهرم الاقتصادي.
وبالتالي، في الوقت نفسه، يجب أن نطالب حكوماتنا والنظام المالي بأن يبظروا إلى ذلك، فهناك أكثر من مجرد وقفة، الأطفال الجميلة الذين يمرون من هنا، نأمل أن يكونوا أطفالًا سعداء.
قصص عديدة بمختلف الظروف التي مروا بها، حروب، مجاعات، كوارث طبيعية، قصص مختلفة كانت ستختلف مسارها إذا لم يكن هناك نظام الإنذار المبكر، بجهود إنسانية تطوعية من أطباء وممرضين حول العالم قرروا أن يغيروا بأيديهم حياة على أرض الواقع.
أفضل نتيجة يمكن أن تحققها مثل هذا النظام التحذير المبكر، أفضل نتيجة يمكن أن تحصل عليها هي ألا يلاحظ الناس ذلك حقًا ويأتي ذلك إذا قمت بإعداد الأمور بشكل جيد مسبقًا
الأكثر شعبية
تقدم منصة ذا كلايمت ترايب قصصًا حول التنوع والحفاظ عليه، والاقتصاد الدائري، والغذاء والماء و مدى ارتباطهم بالبيئة.
اشترك
احصل على أحدث القصص الملهمة للعمل المناخي حول العالم مباشرة في بريدك الوارد.